وعَلَى هذِه الرّوَايَةِ أَيْضاً يكونُ الشِّعْرُ له دُونَ وَلَدِه لِعَدَمِ ذِكْرِ زَهْدَم في البَيْت . وفي حَدِيثِ أُمِّ مَعْبَدٍ الخُزَاعِيَّة رضي الله تعالَى عنها في صِفَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : لا يَأْسَ مِنْ طُولٍ أَي قَامَتُه لا تُؤْيِسُ مِنْ طُولِهِ ؛ لأنّه كانَ إِلى الطُّولِ أَقْرَبَ منه إلى القِصَرِ واليَأْسُ : ضِدُّ الرَّجَاءِ وهو في الحَدِيثِ اسمٌ نَكِرَةٌ مفتوحٌ بِلا النّافِيةِ ويُرْوَى : لا يِائِسٌ مِنْ طُولٍ هكذا رَوَاه ابنُ الأَنْبَارِيّ في كِتَابِه وقال : لا مَيْؤُوسٌ منه أَيْ مِنْ أَجْلِ طُولِه أَي لا يَيْأَسُ مُطَاوِلُهُ مِنْهُ ؛ لإِفْرَاطِ طُولِهِ فيائِسٌ هُنَا بمَعْنَى مَيْؤُوسٍ كماءٍ دافِقٍ بمَعْنَى مَدْفُوقٍ . واليَأْسُ بنُ مُضَرَ بنِ نِزَارٍ أَخُو الْنَّاسِ واللاّمُ فيهِمَا كَهِىَ في الفَضْلِ والعَبّاسِ وحَكَى السُّهيْلِيّ عن ابنِ الأَنْبَارِيّ أَنّه بكَسْرِ الهَمْزَة وقد تَقَدَّم البَحْثُ فيه يُقَال : أَوَّلُ مَنْ أَصابَهُ اليَأَسُ مُحَرَّكَةً أَي السِّلُّ . وقال السُّهَيْليّ في الرَّوْضِ : ويُقَال : إِنّمَا سُمِّىَ السِّلُّ داءَ يَأَسٍ أَو داءَ اليَأَس لأَنّ الْيَأْسَ بنَ مُضَرَ ماتَ مِنْه وبه فَسَّرَ ثَعْلَبٌ قولَ أَبي العَاصِيَةِ السُّلَمِىّ : .
فَلَوْ أَنَّ داءَ اليَاسِ بِي فأَعَانَنِي ... طَبِيبٌ بأَرْوَاجِ العَقِيقِ شَفانِيَا وأَيْأَسْتُه وآيَسْتُه الأَخِيرُ بالمَدّ : قَنَّطْتُه والمَصْدَرُ الإِيئاسُ على مِثال الإِيعاسِ قال رُؤْبَةُ : .
كَأَنَّهُنّ دَارِسَات أَطْلاسْ ... من صُحُفٍ أَو باليَاتُ أَطْرَاسْ .
فِيهنّ من عَهْدِ التَّهَجِّي أَنْقَاسْ ... إِذْ في الغَوَانِي طَمَعٌ وإِيئاسْ وقال طَرَفَة بنُ العَبْدِ : .
وأَيْأَسَنِي من كُلِّ خَيْرٍ طَلَبْتُه ... كأَنّا وضَعْنَاهُ إلى رَمْسِ مُلْحَدِ وَقَرَأَ ابنُ عَبّاسٍ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عنهما : لا يِيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللهِ . على لُغَةِ من يَكْسِرُ أَوّلَ المُسْتَقْبَلِ إِلاَّ ما كانَ باليَاءِ وهي لُغَةُ تَمِيمٍ وهُذَيْلٍ وقَيْسٍ وأَسَدٍ كذا ذَكَرَه اللِّحْيَانِي في نوادِرِه عن الكِسَائِيّ وقالَ سِيبَوَيْه : وإِنّمَا اسْتَثْنَوْا الياءَ ؛ لأَنّ الكَسْرَ في الياءِ ثَقِيلٌ وحكَى الفَرّاءُ أَنّ بَعْضَ بَنِي كَلْبٍ يَكْسِرُون الياءَ أَيْضاً قال : وهي شاذَّةٌ كما في بُغْيَة الآمَالِ لأَبِي جَعْفَر اللَّبْلِيّ وإِنّمَا كَسَرُوا في يِيْأَسُ ويِيْجَلُ لِتَقَوِّي إِحْدَى الياءَيْنِ بالأُخْرَى وسيأْتي البَحْثُ فيه في : و ج ل إِن شاءَ الله تَعَالَى . بَقِيَ أَنّ الزَّمَخْشَرِيَّ لَمّا صَرّحَ في الأَسَاسِ أَنَّ يَئِسَ بمعْنَى عَلِمَ مَجَازٌ فإِنّه قال : يُقَال : قد يَئِسْتُ أَنّكَ رَجُلُ صِدْقٍ بمعْنَى عَلِمْتُ ؛ لأَنَّ مَع الطَّمَعِ القَلَقَ ومع انْقِطَاعه السُّكُونَ والطُّمَأْنِينَةَ كَمَا مَعَ العِلْم ولِذلك قِيلَ : اليَأْسُ إِحْدَى الرّاحَتَيْنِ .
ي - ب - س