هذه عبارة أبي علي بنصّها . وقد أَجحفَ شيخُنا في نقلِها وقال بعد ذلك : قلتُ : البيتُ من شواهد التوضيح وقد أَنعَمْتُه شرحاً في إسفار اللِّثام والشاهد فيه استعمالُ مَتَى بمعنى مِنْ . والأصالةُ في الباءِ ظاهرةٌ في قوله الآتي : والمَخْرَةُ : ما خَرَجَ من الجَوفِ من رائحَةٍ خبيثةٍ . ولم يتعرَّضوا لهُ فتأَمَّلْهُ . قلتُ : والمَخْرَةُ هذه نقلها الصَّاغانِيّ في التكملة والزّمخشريّ في الأساس وزاد الأَخيرُ : وفي كلِّ طائر ذفر المخْرة . ولم يتعرَّض لها صاحب اللسان . والمَخْرَةُ مُثلَّثةً : الشيءُ الذي تختارُه والكسرُ أَعلى وهذا مخْرة المال أي خِيارُه . والمَخيرُ على فعِيل : لَبَنٌ يُشابُ بماءٍ نقله الصَّاغانِيّ . وفي الحديث : " إذا أَرادَ أَحدُكم البَوْلَ فلْيَتَمَخَّر الرِّيحَ " أي فلينظُر من أين مَجراها فلا يستقبِلَها كي لا تَرُدَّ عليه البولَ ويتَرَشَّشَ عليه بولُه ولكن يستدْبِرُها . وفي لفظٍ آخر : استمْخِروا رواه النَّضْرُ بنُ شُمَيْل من حديث سُراقة ونصَّه : إذا أَتيتُم الغائطَ فاسْتَمْخِروا الرِّيحَ " أي اجعلوا ظهورَكُم إلى الرِّيحِ عند البول كأنَّه هكذا في سائر النُّسخ وفي النِّهاية لابن الأَثير : لأَنَّه إذا وَلاّها فكأَنَّه قد شقَّها بظهرِه فأَخَذتْ عن يمينه ويساره . وقد يكونُ استقبالُها تَمَخُّراً كامْتِخارِ الفَرَسِ الرِّيحَ كما تقدّم غير أنَّه في الحديث استدبار . قلت : الاستدبارُ ليس معنىً حقيقيّاً للتمَخُّر كما ظنَّه المصنِّف وإنَّما المراد به النَّظَرُ إلى مَجرى الرِّيح من أين هو ثمَّ يُستَدْبَر وهو ظاهرٌ عند التأَمُّلِ الصادقِ . ومَخْرَى كَسَكْرَى : وَادٍ بالحجاز ذو حُصونٍ وقُرىً . ومما يستدرك عليه : مَخَرَ الأَرضَ مَخْراً : شَقَّها للزِّراعة . ومَخَرَ المَرأَةَ مَخْراً : باضَعَها . وهذه عن ابن القطّاع وفي الحديث : " لَتَمْخَرَنَّ الرُّومُ الشّامَ وتَخوضُه . وتجُوس خِلالَه وتتمكَن فيه . فشبَّهه بمَخْرِ السَّفينةِ البَحْرَ . وتَمَخَّرت الإبلُ الكلأَ إذا استقبلَتْها كذا في النوادر . وبعضُ العرب تقولُ : مَخَرَ الذِّئبُ الشّاةَ إذا شَقَّ بطنَها . كذا في اللسان .
مدر .
المَدَر مُحرَّكة : قِطَعُ الطِّينِ اليابِس المُتَماسِك أو الطِّينُ العِلْكُ الذي لا رَمْلَ فيه واحدَتُه بهاءٍ . ومن المَجاز قولُ عامر بن الطُّفَيْل للنبيِّ صلّى الله عليه وسلَّم : " لنا الوَبَر ولكم المَدَر " . إنّما عنى به المُدُن أو الحَضَر لأنَّ مَبانيها إنّما هي بالمَدَر وَعَنَى بالوَبَر الأَخْبِيَة لأنّ أَبْنِية الباديةِ بالوَبَر . المَدَر : ضِخَمُ البطْن ومنه مَدِرَ الرجلُ كفرِحَ مَدَرَاً فهو أَمْدَرُ بيِّنُ المَدَر إذا كان عظيم البطْن مُنتَفِخ الجَنْبَيْن وهي مَدْرَاء . وسيأتي معنى الأَمْدَر بعدُ أيضاً . أما قولُهم : الحِجارةُ والمِدارَة بالكسر فهو إتْباع ولا يُتَكَلَّمُ به وَحْدَه مُكسَّراً على فِعالَة هذا معنى قولِ أبي رِيَاش . وامْتَدَر المَدَر : أَخَذَه . وَمَدَر المكان يَمْدُرُه مَدْرَاً : طانَه كمَدَّرَه تَمْدِيراً . ومكانٌ مَدِيرٌ : مَمْدُور . مَدَرَ الحَوْضَ : سَدَّ خَصاصَ حِجارَتِه بالمدر وقيل : هو كالقَرْمَدَة إلاّ أنّ القَرْمَدَة بالجِصّ والمَدْرَ بالطِّين . وفي التهذيب : والمَدْرُ : تَطْيِينُكَ وَجْهَ الحَوضِ بالطِّين الحُرّ لئلاّ يَنْشَف ؛ وقيل : لئلاّ يَخْرُج منه الماء . وفي حديث جابر : فانطَلَق هو وجبَّارُ بن صَخْرَة فَنَزَعا في الحَوْض سَجْلاً أو سَجْلَين فَمَدَراه . أي أَصْلَحاه بالمَدَر . والممْدَرَة كمِكْنَسَة وتُفتَح الميم الأُولى نادِرة : الموضعُ فيه طِينٌ حُرٌّ يُستعَدُّ لذلك . وَضَبَط الزمخشريُّ اللُّغَة الثانيةَ كمَقْبَرَة وتقول : أَمْدِرونا من مَمْدَُرَتكم . والهَدَّة مَمْدَرةُ أهلِ مكَّة . وَمَدَرتُك مُحرَّكة : بَلْدَتُك أو قَرْيَتُك وفي اللسان : والعربُ تُسمِّي القريةَ المَبنيَّة بالطِّين واللَّبِن المَدَرَة وكذلك المدينة الضَّخمة يُقال لها المَدَرَة وفي الصحاح : والعربُ تُسمِّي القريةَ المَدَرَة . قال الراجز يصف رَجلاً مجتهداً في رِعْيَةِ الإبل يقومُ لوِرْدِها من آخرِ الليل لاهتمامه بها :