القَدَرُ محرّكةً : القَضَاءُ المُوَفَّق نقله الأَزهرِيُّ عن اللَّيْث وفي المُحْكَم : القَدَرُ : القَضَاءُ والحُكْمُ وهو ما يُقَدِّرُه اللهُ عَزَّ وجَلَّ من القَضَاءِ ويَحْكُم به من الأُمورِ . والقَدَر أَيضاً : مَبْلعُ الشَّيْءِ . ويُضَمُّ نقله الصاغانيّ عن الفرّاءِ كالمِقْدَارِ بالكَسْر . والقَدَر أَيضاً : الطَّاقَة كالقَدْرِ بفَتْح فسُكُون فِيهما أَمّا في معنَى مَبْلَغِ الشَّيْءِ فقد نَقَلَه اللَّيْث وبه فَسَّرَ قَولَه تَعالَى : ومَا قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِه . قال : أَي ما وَصَفوهُ حَقَّ صِفَتِه . وقال : والقَدْر والقَدَر ها هنا : بمعنىً وهو في الأَصْلِ مَصْدرٌ . وقال أَيضاً : والمِقْدَارُ : اسمُ القَدَرِ . وأَمّا في مَعْنَى الطَّاقَةِ فقَدْ نُقِلَ الوَجْهَانِ عن الأَخْفَشِ ؛ ذَكرَه الصاغَانيّ وذَكَرَه الأَزْهرِيّ عنه وعن الفَرّاءِ . وبِهمَا قُرِئَ قولُه تَعَالَى : عَلَى المُوَسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى المُقْتِرِ قَدْرُهُ . قال الأَزهريُّ : وأَخْبَرَنِي المُنْذِرِيّ عن أَبي العَبّاس في قوله تعالَى : على المُقْتِر قَدَرُه . وقَدْرُه قال : التَّثْقِيلُ أَعْلَى اللُّغَتَيْنِ وأَكْثَرُ ولِذلك اخْتِير . قال : واخْتَار الأَخْفَشُ التَّسْكِينَ قال : وإِنَّمَا اخترنَا التَّثْقِيلَ لأَنّه اسمٌ . وقال الكسائيّ : يُقْرَأُ بالتَّخْفِيف وبالتَّثْقِيل وكلٌّ صَوابٌ . قلتُ : وبالقدْرِ بمعنَى الحُكْمِ فُسِّرَ قولُه تعالَى : إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ القَدْرِ . أَي الحُكْمِ كما قال تعالَى : فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ وأَنشد الأَخْفَشُ لهُدْبَةَ بنِ الخَشْرَمِ : .
" أَلاَ يَا لَقَوْمِي للنَّوائبِ والقَدْرِوللأَمْرِ يَأْتِي المَرْءَ مِنْ حَيْثُ لا يَدْرِي فقولُ المُصَنّف كالقَدْرِ فيهما مَحَلُّ نَظر والصَّوابُ فيها أَي في الثَّلاثَة فتَأَمَّلْ . والقَدْرُ بالمَعَاني السابِقَة كالقَدَرِ فيها ج أَقْدَار أَي جَمْعُهَا جَمِيعاً . وقال اللّحْيَانيّ : القَدَرُ الاسْمُ والقَدْر المَصْدرُ . وأَنشد : .
كُلُّ شيْءٍ حَتَّى أَخِيكَ مَتَاعُ ... وبِقَدْرٍ تَفَرُّقٌ واجتماعُ وأَنْشَدَ في المَفْتُوح : .
قَدَرٌ أَحَلَّكَ ذا النُّخَيْلِ وقد أَرَى ... وأَبِيكَ مالَكَ ذُو النُّخَيْلِ بِدَارش قال ابنُ سِيدَه : هكذا أَنشدَهُ بالفَتْحِ والوَزْنُ يَقْبَل الحَرَكَةَ والسُّكُونَ . والقَدَرِيَّةُ مُحَرَّكَةً : جاحِدُو القَدَرِ مُوَلَّدةٌ . وقال الأَزْهريّ : هم قومٌ يُنْسَبُونَ إِلى التَّكْذِيبِ بما قَدَّر اللهُ من الأَشْيَاءِ . وقال بعضُ مُتَكَلِّمِيهم : لا يَلْزَمُنَا هذا اللَّقَب لأَنَّنَا نَنْفِي القَدَرَ عن الله عزَّ وجلَّ ومن أَثْبَتَهُ فهُوَ أَوْلَى بهِ . قال : وهذا تَمْوِيهٌ منهم ؛ لأَنَّهُمْ يُثْبِتُونَ القَدَرَ لأَنْفُسِهم ولِذلك سُمُّوا قَدَرِيَّةً . وقولُ أَهْلِ السُّنَّة إِنَّ عِلْمَ اللهِ عزَّ وجلَّ سَبَقَ في البَشَرِ فَعَلِمَ كُفْرَ مَنْ كَفَرَ منهم كما عَلِمَ إِيمانَ من آمَنَ فأَثْبَتَ عِلْمَه السابقَ في الخَلْق وكَتَبَه وكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ له . ويُقَال : قَدَرَ اللهُ تعالَى ذلك عَلَيْه يَقْدُرُهُ بالضَّمّ ويَقْدِرُه بالكَسْر قَدْراً بالتَّسْكِين وقَدَراً بالتَّحْرِيك وقَدَّرَهُ عليه تَقْدِيراً وقَدَّرَ لَهُ تَقْدِيراً : كُلُّ ذلك بمَعْنىً . قال إِياسُ بنُ مالِك : .
كِلاَ ثَقَلَيْنَا طامِعٌ بغَنِيمَة ... وقَدْ قَدَرَ الرَّحْمنُ ما هُوَ قادِرُ قولُه : ما هو قادِرُ أَي مُقَدِّرٌ . وأَرادَ بالثَّقَلِ هُنَا النِّسَاءَ . واسْتَقْدَرَ اللهَ خَيْراً : سَأَلَهُ أَنْ يَقْدُرَ له به من حَدِّ نَصَرَ كما في نُسَخَتِنَا . وفي بَعْضِها أَنْ يُقَدِّرَ له به بالتَّشْدِيد وهما صَحِيحَان . قال الشاعر : .
فاسْتَقْدِرِ اللهَ خَيْراً وارْضَيَنَّ بهِ ... فبَيْنَمَا العُسْرُ إِذ دَارَتْ مَياسِيرُ