أَرادَ بالفَجْر الكَذِبَ ويُسَمَّى الكاذِبُ فاجراً لمَيْله عن القَصْد . وفَجَرَ فُجُوراً عَصَى وخالَفَ وبه فَسَّرَ ثعلب قَوْلَهم في الدُّعاءِ : ونَخْلَعُ ونَتْرُكُ من يَفْجُرُكَ فَقَال : مَن يَعْصيكَ ومَنْ يُخَالِفُكَ . ومنه حديثُ عُمَرَ Bه : أَنَّ رَجُلاً اسْتَأْذَنَهُ في الجهَاد فمَنَعَهُ لِضَعْفِ بَدَنه فقال له إِنْ أَطْلَقْتَنِي وإِلاَّ فَجَرْتُك أَي عَصَيْتُك وخالَفْتُك ومَضَيْتُ إِلى الغَزْوِ . وقال المؤرّج : فَجَرَ الرَّجُلُ مِنْ مَرَضِه : بَرَأَ ؛ وفَجَرَ : كَلَّ بَصَرُه وفَجَرَ أَمْرُهُم : فَسَدَ . ومن المَجَاز : فَجَرَ الراكِبُ يَفْجُرُ فُجُوراً : مالَ عَنْ سَرْجِه . وفَجَرَ عن الحَقِّ : عَدَلَ ومنه قولُهم : كَذَبَ وفَجَرَ . وفي حديث عُمَرَ Bه : اسْتَحْمَلَهُ أَعرابِيّ وقال : إِنَّ ناقَتِي قد نَقِبَتْ . فقال لَهُ : كَذَبْتَ . ولم يَحْمِلْه . فقال : .
أَقْسَمَ بالله أَبو حَفْصٍ عُمَرْ ... مَا مَسَهَا مِنْ نَقَبٍ ولا دَبَرْ فاغْفِرْ لَهُ اللّهُمَّ إِنْ كانَ فَجَرْ أَي كَذَبَ ومالَ عن الصِّدْق . وقال الشاعر : .
قَتَلْتُم فَتَىً لا يَفْجُرُ اللهَ عامِداً ... ولا يَجْتَويِه جارُه حِينَ يُمْحِلُ أَي لا يَفْجُرُ أَمْرَ الله أي لا يَمِيلُ عنه ولا يَتْرُكُه . وأَيّامُ الفِجَار بالكَسْر كانت بعُكَاظَ تَفاجَرُوا فيها واسْتَحَلُّوا كلَّ حُرْمَةٍ كذا في الأَساس . وفي الصّحاح . الفِجَارُ : يَوْمٌ من أَيَّامِ العَرَب وهي أَرْبَعةُ أَفْجِرَةٍ : فِجَارُ الرَّجُلِ وفِجَارُ المَرْأَةِ وفِجَارُ القِرْدِ وفِجَارُ البَرّاضِ . قلتُ : والأَخِيرُ هو الوَقْعَةُ العُظْمَى نُسِبَت إِلى البَرّاضِ بن قَيْسٍ الذي قَتَلَ عُرْوَةَ الرَّحَالَ وإِنّمَا سُمِّيَتْ بذلك لأَنَّهَا كانَتْ في الأَشْهُرِ الحُرُم وكانتْ بَيْنَ قُرَيْش ومَن مَعَهَا من كِنَانَةَ وبَيْنَ قَيْسِ عَيْلانَ في الجاهِلّية وكانَت الدَّبْرَةُ أَي الهَزيمَةُ على قيْس . فَلَمَّا قاتَلُوا فيها قالُوا : قد فضجَرْنا فسُمِّيَتْ لِذلكَ فِجَاراً وهو مَصْدَرُ فاجَرَ مُفاجَرَةً وفِجَاراً : ارْتَكَبَ الفُجُورَ كما حَقَّقَه السُّهَيْلِي في الرَّوْض . وفِجَارَاتُ العَرَبِ : مُفَاخَرَاتُهَا . وقد حَضَرَهَا النبيُُّ صلى الله تعالَى عليه وسلَّم وهو ابنُ عِشْرينَ سنةً وفي الحَدِيث : كنْتُ أَنْبُلُ على عُمُومَتِي يَوْمَ الفِجَارِ ورَمَيْتُ فيه بأَسْهُم وما أُحِبُّ أَنِّي لم أَكُنْ فَعَلْتُ . وفي رِوايَة : كُنْتُ أَيّامَ الفِجَارِ أَنْبُلُ على عُمُومَتِي وذُو فَجَرٍ مُحَرَّكَة : ع قال بَشِيرُ بنُ النِّكْث : .
حَيْثُ تَرَاءَى مَأْسَلٌ وذُو فَجَرْ ... يَقْمَحْنَ من حِبَّتِهِ ما قَدْ نَثَرْ والفُجَيْرَ كجُهَيْنةَ : ع . ويقالُ : رَكِبَ فلانٌ فَجْرَةَ وفَجَارِ مَمْنُوعةً من الصَرْفِ أَي كَذَبَ وفَجَرَ . وعن ابن الأَعرابِيّ : أَفْجَرَ الرَّجُلُ إِذا جاءَ بالفَجَرِ أَي بالمالِ الكَثِيرِ . وأَفْجَرَ إِذا كَذَبَ وأَفْجَرَ إِذا زَنَى وأَفْجَرَ إِذا كَفَرَ وأَفْجَرَ إِذا عَصَى بفَرْجِه وأَفْجَرَ إِذا مالَ عن الحَقِّ . الأَخيرُ ليس من قَوْلِ ابنِ الأَعرابيّ بل أَلْحَقَه الصاغانيّ من كَلامِ غَيْره وأَفْجَرَ اليَنْبُوعَ : أَنْبَطَهُ أَي أَخْرَجَهُ . والمُتَفَجِّر بكسر الجيم : فَرَسُ الحارِثِ بنِ وَعْلَةَ كأَنَّهُ يَتَفَجَّرُ بالعَرَق . وقال الهَوازنِيُّ : الافْتِجارُ في الكَلامِ : اخْتِراقُه من غَيْرِ أَنْ يَسْمَعَهُ من أَحَد ويَتَعَلَّمَه وأَنشد : .
نازِعِ القَوْمَ إِذا نازَعْتَهُمْ ... بأَريب أَوْ بحَلاّفٍ أَبَلّْ .
يَفْتَجِرُ القَوْلَ ولم يَسْمَعْ بِهِ ... وَهُوَ إِنْ قِيلَ اتَّقِ اللهَ احْتَفَلْ