العَنْبَرُ من الطِّيب معرُوف وبه سُمِّىَ الرجلُ وجَمْعَهُ ابنُ جِنِّى على عَنابِرَ . قال ابنُ سِيدَه : فلا أَدْرِي أَحفِظَ ذلك أَم قاله ليُريَنَا النُّونَ مُتَحَرِّكَةً وإِنْ لم يُسْمَع عَنابِر . وفي نُسْخَةِ شَيْخِنَا : العَنْبَرُ كجَعْفَرٍ . قال قَضِيّةُ ذِكْرِهِ تَرْجَمَةً وَحْدَه أَنّ النونَ فيه أَصليّة ووزنه فَعْلَلَ ولذلك وَزَنَهُ بجَعْفَر والأَكْثَرُ أَنَّ نُونَهُ زائدةٌ وهو الذي يَقْتَضِيه الصّحاح وصرَّح به الفَيُّومِيّ فقال في المِصْباح : العَنْبَرُ فَنْعَل : طِيبٌ مَعْرُوفٌ . وقد وقع فيه اختِلافٌ كثير . فقيل : هو رَوْثُ دابَّة بَحْريّة ومثلُه في التَّوْشِيح قال : العَنْبَرُ سَمَكَةٌ كبيرةٌ والمَشْمُوم رَجِيعُهَا قيل : يُوجَدُ في بَطْنها . أَو هو نَبْعُ عَين فيه أَي في البَحْر يكون جَمَاجمَ أَكبرُها وَزْنُ أَلفِ مِثْقال قاله صاحِبُ المِنْهَاج . وقال ابنُ سَعِيد : تَكلَّمُوا في أَصْل العَنْبَرِ فذَكَرَ بعضُهم أَنّه عُيُونٌ تَنْبُعُ في قَعْرِ البحرِ يصيرُ منها ما تَبْلَعُه الدَّوابُّ وتَقْذِفُه ومنهم من قال : إِنّه نَباتٌ في قَعْرِ البَحْر ؛ قاله الحِجاريّ ونَقَلَه المَقَّرِيّ في نَفْح الطِّيب . وقيل : الأَصَحُّ أَنَّه شَمعُ عَسَلٍ ببلادِ الهِنْد يَجْمُد ويَنْزِلُ البَحْرَ ومَرْعَى نَحْلِه من الزُّهور الطَّيِّبَة يَكْتَسِب طِيبَه منها وليس نَباتاً ولا رَوْثَ دابَّة بَحْرِيَّة أَجْوَدُه الأَبيضُ وما قارَبَ البَياضَ ولا رَغْبَةَ في أَسودِه . وقال الزَّمَخْشَرِيّ : العَنْبَرُ يأْتي طُفَاوَةً على الماءِ لا يَدْرِي أَحدٌ مَعْدِنَه يقذِفُه البحر إلى البَرِّ فلا يأْكلُ منه شئٌ إِلاّ ماتَ ولا يَنْقُرُه طائرٌ إِلاّ بَقِيَ مِنْقَارُه فِيه ولا يَقَع عليه إِلاّ نَصَلَتْ أَظْفَارُه والبَحريُّون والعَطّارُون رُبَّمَا وَجَدُوا فيه المَنَاقِيرَ والظُّفرَ . قال : وسَمِعْتُ ناساً من أَهْلِ مَكَّة يقولُون : هو صفع ثَوْر في بَحْرِ الهنْد . وقيل : هو زَبَدٌ من بَحْرِ سَرَنْدِيبَ وأَجْوَدُه الأَشْهَبُ ثمّ الأَزْرَقُ وأَدْوَنُه الأَسْوَدُ . وفي الحديث : سُئل ابنُ عبّاس عن زَكَاةِ العَنْبَر فقال : إِنّمَا هو شَئٌ يَدْسُرُه البحر . أَي يَدْفَعُه . وقال صاحب المنهاج : وكثيراً ما يُوْجَدُ في أَجْوافِ السَّمَك التي تأءكُلُه وتَمُوتُ ويُوجَد فيه سُهُوكَةٌ . . وقال ابن سِينا : المَشْمُوم يَخْرُج من الشَّجَر وإِنّما يُوجَد في أَجْوَاف السَّمَك الذي تَبْتَلِعُه . ونَقَلَهُ الماوَرْديّ عن الشافعيّ قال : سمعتُ مَن يقولُ : رأَيْتُ العَنْبَرَ نابِتاً في البَحْرِ مُلْتَوِياً مثل عُنُقِ الشاةِ وفي البحر دابَّةٌ تأْكُله وهو سمٌّ لها فيَقْتُلُها فيَقْذِفُها البحرُ فيُخْرج العَنْبَر من بَطْنِها . يُذكَّر ويُؤنَّث فيُقال : هو العَنْبَرُ وهي العَنْبَرُ كما في المصباح . والعَنْبَرُ : أَبو حَيٍّ من تَمِيمٍ هو العَنْبَرُ بن عَمْرِو بنِ تَمِيمٍ ويقال فيهم : بَلْعَنْبَرِ حَذَفوا منه النُّونَ تَخْفِيفاً كبَلْحَارِثِ في بَنِي الحارِث وهو كثيرٌ في كَلامهم . وفي الحديث أَنّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عليه وسلَّم بَعَثَ سَريَّةً إِلى ناحيَة السِّيف فجاعُوا . فأَلْقَى الله لهم دَابَّة يُقَال لها العَنْبَرُ . فأَكلَ منها جماعةُ السَّرِيَّة شَهْراً حتى سَمِنُوا . قال الأَزْهَرِيّ : هي سَمَكَةٌ بَحْريَّةٌ يَبْلُغ طولُهَا خَمْسِين ذِرَاعاً يُقَال لها بالفَارِسِيَّة باله . والعَنْبَرُ : الزَّعْفَرَانُ . وقِيلَ : هو الوَرْسُ . والعَنْبَر : أَيضاً التُّرْسُ وإِنّمَا سُمِّيَ بذلك لأَنّه يُتَخَذُ من جِلْد السَّمَكَة البَحْرِيّة . وجاءَ في حَدِيث أَبي عُبَيْدَةَ . وتُتَّخَذُ التَّرَسَةُ من جِلْدِهَا . فيُقَال للتُّرْسِ : عَنْبَرٌ . قال العَبّاسُ بن مِرْدَاس : .
لَنَا عارِضٌ كزُهَاءِ الصَّرِي ... مِ فيه الأَشِلَّةُ والعَنْبَرُ