فالسائِر فيهما بمعنَى الجَمِيعِ . ومن الغَرِيب ما نقلَه شيخُنَا عن السَّيِّدِ في شَرْح السّقط أَنه زعم أَن النّحويّين اشترَطوا في سائِر أَنها لا تُضَاف إِلاّ إِلى شيْءٍ قد تقدَّم ذِكرُ بَعْضِه نحو : رأَيْتُ فَرَسَكَ وسائرَ الخَيْل : دونَ رَأَيْت حِمَارَك لعدَم تَقدُّم ما يَدُلّ على الخَيْل . وضَافَ أَعرابِيٌّ قَوْماً فأَمَرُوا الجارِيَةَ بتطْيِيبه فقال " بَطْنِي عَطِّرِي وسائِرِي ذَرِي " وهو من أَمثالهم المشهورة ومعنَى سائِري أَي جَميعي . ومن المَجَاز : أُغِيرَ على قَوْمٍ فاستَصْرَخُوا بَنِي عَمِّهم أَي استَنْصَرُوهم فأَبْطَؤُوا عنهم حتَّى أُسِرُوا وأُخِذُوا وذُهِبَ بِهِم ثم جَاؤُوا أَي بَنُو العَمّ يَسْأَلُونَ عَنْهُمْ فقال لهم المسؤول هذا القَوْلَ الذي ذَهَبَ مثلاً : " أَسائِرَ اليَوْمِ وقد زالَ الظُّهْرُ . قال الزَّمَخْشَرِىّ : يُضْرَبُ لِمَا يُرْجَى نَيْلَه وفَاتَ وَقْتُه أَي أَتَطْعَمُون فيما بَعُدَ وقد تَبَيَّنَ لكم اليأْسُ لأَنَّ مَنْ كانَتْ حاجَتُه اليومَ بأَسْرِهِ وقد زالَ الظُّهْرُ وَجَبَ أَن يَيْأَسَ كما يَيْأَسُ منها بالغُرُوبِ . وذَكَره الجَوْهَرِيّ مَبْسُوطاً في " سير " . وسَئِرَ كفَرِحَ : بَقِيَ وأَسأَرَ : أَبْقَى . وسُؤْرُ الأَسَدِ هو أَبو خَبِيئَةَ مُحَمَّد بن خَالِدٍ الكُوفِيُّ عن أَنَسٍ وعنه الثَّوْرِيّ لأَنَّ الأَسَدَ افْتَرَسَه فَتَرَكَه حَيّاً فلُقِّب بذلك وهو مَجَاز . وكذلك قولهم : هذِه سُؤْرَةُ الصَّقْرِ لِمَا يَبْقَى من لحمته . وتَسَاءَر كتَقَابل - وفي التَّكْمِلة كتَقَبَّل : شَرِبَ سُؤْرَ النَّبِيذِ وبَقايَاه عن اللِّحْيَانيّ .
وممّا يستدرك عليه : سُؤْرَةُ المالِ : جَيِّدُه . وأَسْأَرَ الحاسِبُ : أَفضَلَ ولم يَسْتَقْصِ وهو مَجَاز . وفي الصّحاح : يقال في السّائرِ : سارٌ أيضاً . وأَنشدَ قَوْلَ أَبِي ذُؤَيْبٍ يَصِف ظَبْيةً : .
فسَوَّدَ ماءُ المَرْدِ فَاهَا فلَوْنُه ... كلَوْنِ النَّؤُورِ وَهْيَ أَدْماءُ سَارُها قال : أَي سائِرُهَا . واستدرك شيخُنا : سُؤْر الذِّئْب قال : وهو شاعرٌ مَشْهُورٌ .
س ب ر .
السَّبْرُ بفتح فسكون : امْتِحَانُ غَوْرِ الجُرْحِ وغَيْرِه . يقال : سَبَرَ الجُرْحَ يَسْبُرَهُ ويَسْبِرَهُ سَبْراً : نَظَرَ مِقْدَارَه وقاسَه ليَعْرِفَ غَوْرَه هكذا بالوَجهين عند أَئِمَّةِ اللُّغَة وصَرَّح به غَيرُ واحد . وقَضِيَّة اصْطِلاحِ المُصنِّف أَنَّ مُضارِعَه إِنما يقال بالضَّمّ ككَتَب . وقوله " وغيره " يَشمَلُ الحَزْرَ والتَّجْرِبَةَ والاخْتِبارَ واستخراجَ كُنْهِ الأَمرِ . ومنه حدِيثُ الغَارِ " قال له أَبو بكر : لا تَدخُلَه حَتَّى أَسْبُرَهُ قَبْلَك " أَي أَختَبِرَه وأَعْتَبِرَه وأَنْظُرَ هل فيه أَحدٌ أَو شَيْءٌ يُؤذِي . وفرَّقَ في المِصْباح فقال : سَبَرَ الجُرْحَ كنَصَر . وسَبَرَ القَومَ إِذَا تأَمَّلَهم بالوَجْهَيَيْنِ كقَتَل وضَرَب نقلَه شَيْخُنا . قلْت : وهو وَارِد على المُصَنِّف أَيضاً كالاسْتِبَارِ وكلُّ أَمرٍ رُزْتَه فقد سَبَرْتَه واستَبَرْتَه . السَّبْرُ : الأَسَدُ قاله المُؤرِّج . والسَّبْرُ : الأَصْلُ واللَّوْنُ والجَمَالُ والهَيْئَةُ الحَسَنَةُ والزِّيُّ والمَنْظَرُ ويُكْسَر في هذه الأَرْبَعَة . قال أَبو زَيْد الكِلاَبيّ : وَقَفْتُ على رَجلٍ من أَهلِ البادِيَةِ بعدَ مُنْصَرَفِي من العراق فقال : أَمَّا اللِّسَانُ فبَدَوِيّ وأَمّا السِّبْر بالكَسْر : الزِّيُّ والهَيْئَة . قال : وقالت بَدَوِيَّةٌ : أَعجَبَنا سِبْرُ فُلان أَي حُسْنُ حالِه وخِصْبُه في بَدَنِه . وقالت : رأَيتُه سَيِّءَ السِّبْرِ إِذَا كان شاحِباً مَضْرُوراً في بَدَنَه فجَعَلَت السِّبْرِ بمَعْنَيَيْن . ويقال : إِنه لحَسَنُ السِّبْرِ إِذَا كان حَسَنَ السَّحْنَاءِ والهَيْئَةِ . وفي الحَدِيث " يَخْرُج رَجلٌ من النّارِ وقد ذَهَبَ حِبْرُه وسِبْرُه " أَي هَيْئَته . والسِّبْرُ : حُسْنُ الهَيْئَةِ والجَمَالُ . ويقال : فُلانٌ حَسَنُ الحِبْرِ والسِّبْرِ إِذَا كان جَمِيلاً حَسَنَ الهَيْئَةِ . قال الشاعر : .
أَنَا ابنُ أَبِي البَرَاءِ وكُلُّ قَوْمٍ ... لهمْ مِن سِبْرِ وَالدِهمْ رِدَاءُ