قال ابنٌ سِيدَه : وج الدَّهْر أدْهُرٌ ودُهورٌ وكذلك جَمْع الدَّهَر لأنّا لم نَسمع أَدْهَاراً ولا سِمْعنا فيه جَمْعاً إلاَّ ما قدَّمناه من جَمْع دَهْر . والدّهْر : النّازِلَةُ وهذا على اعتقادِهم على أنَّه هو الطَّارِقُ بها كما صَرَّحَ به الزَّمَخْشَرِىّ ونَقَله عنه المُصَنِّف في البَصَائِر . قال : ولذلك اشتَقُّوا من اسمه دَهَرَ فُلاناً خَطْبٌ كما سيأْتي قريباً . والدَّهْر : الهِمَّةُ والإرادَة والغَايَةُ تقول : ما دَهْرِي بكذا وما دَهْرِي كذا أَي ما هَمِّي وغايَتِي وإرادَتِي . وفي حديث أُمِّ سُلَيْم " مَا ذَاكِ دَهْرُكِ " وقال مُتَمِّمُ بن نُوَيْرَة : .
لعَمْرِي وما دَهْرِي بتَأْبِين هالِكٍ ... ولا جَزِعاً مِمَّا أَصابَ فَأَوْجَعَا ومن المَجاز : الدَّهْر : العَادَةُ الباقِيَة مُدَّةَ الحَيَاةِ : تقول : ما دَهْرِي بكذا وما ذَاكَ بدَهْرِي . ذكرَهَ الزَّمَخْشَرِىّ في الأساس والمُصَنِّف في الَبَصاِئر . والدَّهْر : الغَلْبَةُ والدّولَة ذكرَه المصنِّف في البَصَائِر . والدّهارِيرُ : أوّلُ الدّهرِ في الزَّمن الماضِي بلا واحدٍ كالعَبَادِيد قاله الأَزْهَرِيّ . والدَّهَارِيرُ : السَّالِفُ ويقال : كان ذلِك في دَهْر الدَّهارِير . وفي الأساس : يقال : كان ذلِك دَهْرَ النَّجْمِ : حينَ خلقَ اللهُ النُّجُومَ يريد أوّلَ الزَّمَان وفي القديمِ . ودُهُورٌ دَهَارِيرُ : مُخْتَلِفَةٌ على المبالغة . وقال الزَّمَخْشَرِىّ : الدَّهَارِيرُ : تَصَارِيفُ الدَّهْرِ ونَوَائِبُه . مُشْتَقٌّ من لَفْظِ الدَّهْرِ ليس له وَاحِدٌ من لَفْظِه كعَبَابِيدَ انتهى . وأَنشد أبُو عمَرِو بن العَلاَءِ لرَجُل من أَهْل نَجْد . وقال ابنُ بَرِّيّ هو لعِثْيَرِ بن لَبِيدٍ العُذْرِيّ . وقيل : هو لحُرَيْث بن جَبَلَةَ العُذْرِيّ . قلت : وفي البصائر للمُصنّفِ : لأَبي عُيَيْنة المُهَلَّبَي : .
فاستَقْدِرِ اللهَ خَيْراً وارْضَيَنَ به ... فبَيْنَمَا العُسْرُ إِذَا دَارَتْ مَيَاسِيرُ .
وبَيْنَمَا المَرْءُ في الأَحياءِ مُغْتَبِطُ ... إذَا هو الرَّمْسُ تَعْفُوه الأعَاصِيرُ .
يَبْكِي عليه غَرِيبٌ ليس يَعْرِفُهُ ... وذُو قَرَابَتِه في الحَيِّ مَسْرُورُ .
حتّى كأَنْ لمْ يَكُنْ إلّا تَذَكُّرُهُ ... والدَّهْرُ أَيَّتَمَا حِينٍ دَهَارِيرُ قال : وواحِدُ الدَّهارِير : دَهْر على غَيْر قياس . كما قالوا : ذَكَرٌ ومَذاكِير وشِبْه ومَشَابِيه وقيل : جَمْع دُهْرورٍ أو دَهْرَات . وقيل : دِهْرِير . وفي حديث سَطِيح : .
" فإنَّ ذَا الدَّهْرَ أَطْواراً دَهَارِيرُ ويقال : دَهْرٌ دَهَارِيرُ أَي شَدِيدٌ كقولهم : لَيْلَةٌ لَيْلاءُ ونَهَارٌ أَنْهَرُ ويَومٌ أَيْوُمُ وساعَةُ سَوْعَاءُ . وكذا دَهْرٌ دَهِيرٌ ودَهْر داهِرٌ مُبَالَغٌة أَي شَدِيدٌ كقولم أبَدٌ آبِدٌ وأَبَدٌ أَبِيدٌ . ودَهَرَهُم أَمرٌ ودَهَرَ بهم كمَنَع : نزَلَ بهم مَكْرُوهٌ وقال الزَّمَخْشَرِىّ : أَصابَهم به الدَّهْرُ . وفي حديث مَوْتِ أبي طالب " لولا أَنَّ قُرَيْشاً تَقول دَهَرَه الجَزعُ لفَعلْتُ " وهم مَدْهورٌ بهم ومَدْهُورُون إِذَا نَزَل بهم وأَصابَهُم . والدَّهْرِيّ بالفتح ويُضمُّ : المُلحِدُ الذي لا يُؤْمن بالآخِرة القَائِلُ ببِقَاءِ الدَّهْرِ . وهو مُوَلَّد . قال ثَعْلبٌ : وهما جَمِيعاً مَنْسُوبانِ إلى الدَّهْر وهم رُبَّمَا غَيَّرُوا في النَّسَب كما قالوا سُهْلِيّ للمَنْسُوب إلى الأرِض السَّهْلَة واقْتَصَر الزَّمَخْشَرِىّ على الفضتْح كما سيأْتي