وإدْبَارُ النُّجُومِ : تَوَالِيهَا وأَدْبارُهَا أخْذُهَا إلى الغَرْب للغُرُوب آخِرَ اللَّيْل . هذه حِكايَةُ أهل اللُّغَة قال ابنٌ سِيدَه : ولا أدرِي كَيْف هذا لأَنَّ الأَدْبَارَ لا يَكُون الأَخْذَ إِذ الأَخْذُ مَصْدرٌ والأَدْبَارُ أَسماءٌ وأَدْبار السُّجُودِ وإِدبارُه : أَواخِرُ الصَّلوَاتِ . وقد قُرِئَ : وأَدْبار وإِدْبار فمَنْ قرأَ وأَدْبَار فمِن بابِ خَلْفَ ووَرَاء ومَن قَرأَ وإِدْبَار فمِن بابِ خُفُوق النَّجْم . قال ثعلب في قوله تعالى " وإِدْبَار النُّجُوم " " وأَدْبَار السُّجُود " قال الكسَائيّ : إِدبار النجوم أَن لها دُبُراً وحداً في وقت السحر وأَدْبَار السجود لأنَّ مع كل سَجْدة إِدْباراً .
وفي التهذيب مَنْ قرأَ : " وأَدْبار السُّجُود " . بفتح الَألف جمع على دُبُر وأَدْبَار وهما الرَّكْعَتَان بعد المَغْرِب رُوِىَ ذلِك عن عَلِيّ بن أَبِي طالِبٍ رضي الله عَنْه . قال : وأَما قوله " وإِدبار النُّجُوم " في سورة الطُّور فهما الرَّكْعَتَان قبل الفجر قال : ويُكسرَان جميعا ويُنْصَبانِ جائزانِ . و الدُّبُر : زَاوِيَةُ البَيْتِ ومُؤَخَّرُه . والدَّبْر بالفَتْحِ : جَماعَةُ النَّحْلِ ويقال لها الثَّوْلُ والخَشْرَمُ ولا وَاحِدَ لشْيءٍ من هذا قاله الأَصمَعِيّ . روَى الأَزْهَرِيّ بسنده عن مُصعَب بن عبد الله الزُّبَيْرِيّ : الدَّبْر : الزَّنَابِيرُ ومن قال النَّحْل فقد أَخطأَ قال : والصواب ما قاله الأَصمَعِيّ . وفَسَّر أَهلُ الغَرِيبِ بهما في قصّة عاصم بن ثابتٍ الأَنصاريّ المعروف بِحَمِىِّ الدَّبْرِ أُصِيبَ يومَ أُحُدٍ فمَنَعت النَّحْلُ الكُفَّارُ منه ؛ وذلك أَن المشركين لمَّا قَتلُوه أَرادوا أَن يُمَثِّلُوا به فسلَّطَ الله عليهم الزَّنابيرَ الكِبَارَ تَأْبِر الدَّارِعَ فارتَدَعوا عنه حتى أَخَذَه المُسْلِمُون فَدَفَنُوه وفي الحَدِيث " فأَرْسلَ اللهُ عليهم مِثْلَ الظُّلْمَةِ مِن الدَّبْرِ " قيل : النَّحْل وقيل : الزَّنابير . ولقد أَحسنَ المُصنِّف في البَصَائر حيث قال : الدَّبْر : النَّحْل والزّنابِير ونَحْوُهَما مما سِلاحُها في أَدْبَارِها . وقال شَيْخُنَا نَقْلاً عن أَهْل الاشْتِقَاق : سُمِّيَت دَبْراً لتَدْبِيرها وتَأَنُّقِها في العَمَل العَجِيب ومنه بِنَاءُ بُيوتِها ويُكْسَر فِيهمِا عن أَبي حَنِيفَة وهكذا رُوِىَ قولُ أبي ذُؤَيب الهُذَليّ : .
بأَسْفَلِ ذَاتِ الدَّبْرِ أُفرِدَ خِشْفُهَا ... وقد طُرِدَتْ يَوْمَيْن وهْي خَلُوجُ عَنَى شُعْبَةً فيها دَبْر .
وفي حديث سُكَيْنةَ بنتِ الحُسَيْن " جاءَت إلى أُمّها وهي صغيرة تَبْكِي فقالت لها : مالَكِ ؟ فقالتْ : مَرَّت بي دُبَيْرة فلسَعَتْني بأُبَيْرة " وهي تصغير الدَّبْرة النّحلة ج أَدْبُرٌ ودُبُورٌ كفَلْس وأَفْلُسٍ وفُلُوس . قال لبيد : .
بأَشْهَبَ من أَبْكارِ مُزْنِ سَحَابةٍ ... وأَرْىِ دُبُورٍ شَارَهُ النَّحْلَ عاسِلُ أَراد : شارَه من النَّحْل أَي جَناه . قال ابنٌ سِيدَه : ويجوز أَن يكون جمْع دَبْرة كصَخْرَة وصُخُور ومَأْنَة ومُؤُون . والدَّبْرُ : مَشَارَاتُ المَزْرَعَةِ أَي مَجَارِي مائِها كالدِّبَارِ بالكَسْرِ واحِدُهُما بِهَاءٍ وقيل : الدِّبَار جمْع الدَّبْرة قال بِشْر بن أَبِي خَازِم : .
تَحَدُّرَ ماءِ البِئْر عن جُرَشِيَّةٍ ... علَى جِرْبةٍ يَعْلُو الدِّبَارَ غُرُوبُها