قال الأَزْهَرِيّ في الحَدِيث الأوّل : لا أَدْرِي أرُوِيَ مُخْتَصِراً أو مُتَخَصِّراً . ورواه ابنُ سِيرِينَ عن أبِي هُرَيْرَةَ : مُخْتَصِراً . وكذلك رَوَاهُ لأَبُو عُبَيْد . قال : ويُرْوَى في كَرَاهِيَتهِ حَدِيثٌ مَرْفُوع ويُرْوَى فيه أيضا عن عائِشَةَ وأبِي هُرَيْرَةَ : اخْتَصَرَ : قَرَأَ آيَةً أو آيَتَيْن من آخرِ السُّورةِ في الصَّلاةِ ولم يَقْرأْ سُورَةً بكَمَالِها في فَرْضه . وبه فَسَّرَ الأزْهَرِيُّ حَدِيثَ أبِي هُرَيْرَةَ السَّابِقَ وهو أحَدُ الوَجْهَيْن في تَأْوِيله . وقال ابنُ الأثِير : هكذا رَوَاه ابنُ سِيرِينَ عن أبِي هُرَيْرَة . اخْتَصَر : حَذَفَ الفُضُولَ مِنَ الشَّيْءِ عَمّةً وهو الخُضَيْرَي بضَمٍّ ففَتْح فأَلِف مَقْصُورَة وفي بَعْض النُّسَخ بكَسْرِ الرَّاءِ وياءِ النِّسْبَةِ أَي الخَصْرِيّ . كالاخْتِصار . قال رُؤْبَةُ : .
وفي الخُصَيْرَي أَنتَ عِنْد الوُدِّ ... كَهْفُ تَمِيمٍ كُلِّهَا وسَعْدِ اخْتَصَرَ الطَّرِيقَ : سَلَك أَقْرَبه . قال بَعْضُهم : هذا هُوَ الأَصْل اخْتَصَر في الحَزِّ هكَذا في النُّسَخ بالحَاءِ المُهْمَلَة والزَّاي وفي بَعْضِها بالجِيمِ والزَّاي إِذا ما اسْتَأْصَلَه . وخاصَرَهُ : أَخذَ بِيَدِه في المَشْيِ . قال عَبْدُ الرَّحْمن بنُ حَسّان : .
ثُمَّ خَاصَرْتُها إِلى القُبَّةِ الخَضْ ... راءِ تَمْشِي في مَرْمَرٍ مَسْنُونِ . قال ابن بَرّيّ : هذا البَيْت يُرْوَى لعَبْدِ الرّحمن بْنِ حَسّان كما ذَكَرَه الجَوْهَرِيّ وغَيْره . قال : والصَّحِيح ما ذَهَب إليه ثَعْلَب أنّه لأبي دَهْبَل الجُمَحِيّ وذَكَر قِصَّتَه . وفي حَدِيثِ أبِي سَعِيدٍ وذَكَر صَلاَة العِيد : " فَخَرجَ مُخاصِراً مَرْوَان " . قال ابْنُ الأَثِير : والمُخاصَرَة أن يَأْخُذَ الرَّجُلُ بِيَد رَجُلٍ آخَرَ يَتَمَاشَيَانِ ويَدُ كُلِّ واحِدٍ منْهما عِنْد خَصْرِ صاحِبِه . كتَخاصَرَ يقال خَرَجَ القَوْمُ مُتَخاصِرِينَ إذا كَانَ بَعْضُهم آخِذاً يَدَ بَعْضٍ . أو خَاصَرَ : أخذَ كُلٌّ في طَرِيقٍ حتّى يَلْتَقِيا في مَكَانٍ وهو المُخَازَمة . وقال ابْنُ الأَعْرَابِيّ : أنْ يَمْشِيَ الرَّجُلانِ ثُمَّ يَفْتَرِقا حَتَّى يَلْتَقِيَا على غَيْرِ مِيعَاد . أو خاصَرَ إذَا مَشَى عِنْدَ وفي بَعْض النُّسَخ : إلَى جَنْبِه .
والخِضَارُ ككِتَاب : الإزَارُ لأَنَّه يُتَخَصَّر به . وفي الحَدِيث : " المُتَخَصِّرُونَ يَوْمَ القِيامَة على وُجُوهِهِم النُّورُ " أي المُصَلُّونَ باللَّيْلِ فإذا تَعِبُوا وَضَعُوا أيْدِيَهُم على خَواصِرِهِم من التَّعَب . هكَذا أوردَه ابْنُ الأثِير وفَسَّره . قال وَمَعْنَاه يَكُون أنْ يأْتُوا يوم القيامةِ ومَعَهم أعْمَالٌ لَهُم صَالِحَة يَتَّكئِؤُن عَلَيْهَا . مَأْخُوذٌ من المَخْصَرَة . قال شَيْخُنا : وهذا هو الظَّاهِر الَّذِي ذّكَرَه أئِمَّةُ الغَرِيبِ وإلاَّ تَنَاقَضَ الحَدِيثان فاعْرِفْ ذَلِك . وكَشْحٌ مُخَصَّرٌ كمُعَظَّم : دَقِيقٌ . ومن المَجَاز : نَعْلٌ مُخَصَّرَةٌ أي مُسْتَدِقَّةُ الوَسَط . وخَصْرُ النَّعْلِ : ما استدقَّ من قُدَّامِ الأُذُنَيْن منها . قال ابنُ الأعرابِيّ : الخَصْرَانِ من النَّعْل : مُسْتَدَقُّها . ونَعْلٌ مُخَصَّرةٌ : لَهَا خَصْرانِ . وفي الحديث " أنَّ نَعْلَه صَلَّى الله عَلَيْه وسَلَّم كانت مُخَصَّرَةً " أي قُطِعَ خَصْرَاهَا حتَّى صَارَا مُسْتَدقَّيْن . من المَجَاز : رَجُلٌ مُخَصَّر القَدَمَيْنِ إذا كانَت قَدَمُه تَمَسُّ الأَرْضَ من مُقَدَّمِهَا وعَقِبها ويُخَوَّى أخْمَصُها مع دِقَّةٍ فيه . وقَدَمٌ مُخَصَّرَة ومَخْصُورَة ويَدٌ مُخْصُورَة ومُخَصَّرَةٌ في رُسْغِها تَخْصِيرٌ كَأَنَّه مَرْبُوطٌ أو فِيهِ مَحَزٌّ مُسْتَدِيرٌ كالحَزِّ . ومما يُسْتَدْرَكُ عليه : رجُلٌ ضخْمُ الخَوَاصِرِ . وحَكَى اللِّحْيَانّي : إنَّهَا لمُنْتَفِخَةُ الخَوَاصِر كأَنَّهُمِ جَعَلُوا كُلَّ جُزْءٍ خاصِرَة ثم جُمِعَ على هذَا . قال الشَّاعِر : .
فلما سَقَيْنَاها العَكِيسَ تَمَذَّحَت ... خَواصِرُها وازْدَادَ رَشْحاً وَرِيدُهَا