ونقل شيخُنا عن ابن دُرُسْتَوَيه في شَرْح الفَصِيح : الحَفْر بسكون الفاءِ مَصْدرُ فِعْلٍ مُتَعَدٍّ وهو حَفَرَه يَحْفِره حَفْراً فكأنَّ الذِي حَفَر أسنانَه إنّمَا هو كِبَرُ السِّنّ أو دَوَامُ القَلَح أو آفةٌ لَحِقَتْهَا . قال : وأما الحَفَر بفتح الفاءِ فمَصْدُر قولِهِم : حَفِرَت سِنُّهُ تَحْفَر حَفَراً وهذا الفِعْلُ ليس مُتَعَدِّياً والأوّل مُتَعَدٍّ . وحكَى صاحِبُ الواعي أنّه يُقال في مَصْدر حَفِرت بالكَسْر حَفْراً وحَفَراً بالإسكانِ والتَّحْرِيك . قال : والحَفْرُ : بَثْرَةٌ تَخْرُج في لِثَةِ الصَّبِيِّ فيقال : صَبِيٌّ مَحْفُورٌ إذا أصابه ذلك . وأحْفَر الصَّبِيُّ : سَقَطَت لَه الثَّنِيَّتانِ العُلْيَيَانِ والسُّفْلَيَانِ للإثْنَاءِ والإرْبَاع وإذا سَقَطت رَوَاضِعُه قيل : حَفَرَت كما تَقدَّم . مِن المَجَازِ . أحْفَرَ المُهْرُ : سَقَطَت وفي بَعْضِ النُّسخِ الجَيِّدة المُصَحَّحَة بعد قوله : والسُّفْليانِ : والمُهْرُ للإثناءِ . والإرباعِ وفي بعض الأُصول زِيادَة والقُرُوح سقطت ثَنَايَاهُ ورَبَاعِيَاتُهُ .
وقال أبو عُبَيدَةَ في كِتاب الخَيل : يقال : أحْفَر المُهْرُ إحفاراً فهو مُحْفِر قال : وإحْفارُه : أن تتحرَّك الثَّنِيَّتَانِ السُّفْلَيانِ والعُلْيَيان من رَوَاضْعه فإذا تَحرَّكْن قالوا : قد أحفَرَت ثَنَايَا رَوَاضِعِه فسَقَطْن . قال : وأوَّلُ ما يَحْفِر فيما بَيْنَ ثَلاثِينَ شَهْراً أدْنَى ذلك إلى ثَلاثَةِ أعْوَامٍ ثُمّ يَسْقُطْن فيَقَع عَلَيها اسْمُ الإبداءِ ثُمّ تُبْدِي فتَخرُج له ثَنِيَّتانِ سُفْلَيَانِ وثَنِيَّتان عُلْيَيان مكانَ ثَنايَاه الرّوَاضِعِ التي سَقَطْن بعد ثلاثَةِ أعْوَامٍ فهو مُبْدٍ . قال : ثمّ يُثْنِي فلا يزال ثَنِيّاً حتّى يُحْفِر إحْفَاراً : وإحْفَارُه : أن تَتَحْرَّك له الرَّباعِيَتَانِ السُّفْلَيانِ والرّباعِيتَان العُلْيَيَان من رَوَاضِعِه . وإذا تَحَرَّكْن قيِلَ : قد أحْفَرَت رَبَاعِيَاتُ رَوَاضِعِه فيَسْقُطْن أولَ ما يُحْفِرنْ في اسْتِيفائه أرْبَعَةَ أعْوام ثم يَقَعُ عَلَيْها اسْمُ الإبْدَاءِ ثم لا يَزالُ رَبَاعِياً حتّى يُحفِرَ للقُرُوح وهو أنْ يَتَحَرَّك قارِحَاه وذلك إذا استَوْفَى خَمْسَةَ أعْوَام ثمّ يَقَع عليه اسمُ الإبداءِ على ما وصَفْناه ثم هو قارِحٌ .
وفي الأساس : وحَفَرَت رَوَاضِعُ المُهْرِ : تَحَرَّكَت للسقوط لأنَّهَا إذا سَقَطت بَقِيَتْ منابِتُهَا حَفْراً فَكَأنَّهَا إذا نَغَضَتْ أخَذَتْ في الحَفْرِ . ولأحْفَر المُهْرُ : حَفَرَت رَوَاضِعُه . أحْفرَ فُلاناً بِئْراً : أعانَهُ على حَفْرِها . والحَفِير : القَبْرُ فَعِيلٌ بمَعْنَى مَفْعُول عن ابْنِ الأعْرَابِيّ كالحُفْرَةِ والحَفِيرَةِ كما في الأَساسِ . والحَافِرُ : واحِدُ حَوَافِرِ الدَّبَّةِ : الخَيْلِ والبِغَالِ والحَمِيرِ اسمٌ كالكاهِلِ والغَارِب . قال الشاعر في جمع الحَافِر : .
أوْلَى فَأَوْلَى يا امْرَأَ القَيْسِ بَعْدَما ... خَصَفْنَ بآثارِ المَطيِّ الحَوَافِرَا أراد خَصَفْن بالحَوافِرِ آثارَ المَطِيّ يَعْنِي آثارَ أخْفافِه . من المَجاز قَوْلُهم : الْتَقَوْا فاقْتَتَلُوا عِنْدَ الحَافِرَة أي عند أوَّلِ المُلْتَقَى . من المَجاز قَولُ العَرَب : أتَيْتُ فلاناً ثُمَّ رَجَعْتُ عَلَى حَافِرَتِي أي طَرِيقي الّذي أصْعَدْتُ فِيهِ خاصّةً فإنْ رَجَع على غَيْرِه لم يَقُل ذلك . وفي التَّهْذِيب : أي رَجَعْت من حَيْثُ جِئْت : ورَجَعَ على حافِرَتهِ أي طَرِيقهِ الّذي جاءَ مِنه . من المَجاز : الحافِرَةُ : الخِلْقَةُ الأولَى والعَوْدُ في الشَّيْءِ حتى يُرَدَّ آخِرُه على أوَّلِه . وفي الكتِاب العَزِيز : " أئِنَّا لَمَرْدُودُونَ في الحَافِرَةِ " أي في أوَّلِ أمْرِنا . وأنشد ابنُ الأعْرَابيّ : .
أحافِرَةً على صَلَعٍ وشَيْبٍ ... مَعَاذّ اللهِ من سَفَهٍ وعَارٍ