ولي في باب جَيْرُونٍ ظباءٌ ... أُعاطِيها الهَوَى ظَبْياً فظَبْيَا . ثم قال : ومِن هذه المَحَلَّةِ شيخُنَا أبو محمّدٍ هِبَةُ الله بنُ أحمدَ بنِ عبدِ الله بنِ عليِّ بنِ طاووس المقرئ الجَيْرُونِيُّ إمامُ جامعِ دمشقَ كان يسكنُ بابَ جَيْرُونَ ثِقَةٌ صَدُوقٌ مُكْثِرٌ له رحلةٌ إلى العراق وأصْبَهَانَ توفيِّ سنة 536 .
والجَيَّار : الشِّدَّةُ وبه فَسَّرَ ثعلبٌ قولَ المُنْتَخِّلِ الهُذَليِّ السابقَ . ومُجَيرةُ بضمٍّ ففتحٍ : هضبةٌ قِبَلَ شَمَامِ في ديار باهِلةَ . والمُجِيريّة : قريةٌ بمصرَ .
فصل الحاء المهملة مع الراء .
ح ب ر .
الحِبْرُ بالكسر : النِّقْسُ وَزْناً ومعنىً . قال شيخُنا : وهذا من باب تفسيرِ المشهورِ بما ليس بمشهورٍ فإن الحبْرَ معروفٌ أنه المِدَادُ الذي يُكْتَبُ به وأما النِّقْسُ فلا يعرفُه إلا مَن مارَسَ اللغةَ وعَرَفَ المُطَّرِدَ منها وتَوسّع في المُتَرَادِفِ فلو فَسَّرَه كالجَمَاهِير بالمِداد لكان أوْلَى . واخْتُلِفَ في وَجْه تَسْمِيتَه فقيل : لأنه مُما تُحَبَّرُ به الكتبُ أي تُحَسَّنُ قاله محمّدُ بنُ زَيْد . وقيل : لتَحْسِينه الخَطَّ وتَبْيينِه إياه نَقَلَه الهَرَوِيُّ عنب بعضٍ . وقيل : لتأثيرِه في الموضعِ الذي يكونُ فيه قاله الأصمعيُّ . ومَوْضِعُه المَحْبَرةُ بالفتح لا بالكسر وغَلِطَ الجوهريُّ لأنه لا يُعْرَفُ في المكانِ الكسر وهي الآِنيَةُ التي يُجْعَلُ فيها الحِبْرُ من خَزَفٍ كان أو مِن قَوارِيرَ . والصحيح أنّهما لغتان أجودُهما الفتح ومَن كسر الميم قال إنها آلَةٌ ومثلُه مَزْرَعَةٌ ومِزْرَعَةٌ وحَكاها ابنُ مالكٍ وأبو حَيّانَ . وحُكِيَ مَحْبُرَةٌ بالضَّمِّ كمَقْبُرَةٍ ومَأْدُبَةٍ . وجمُعُ الكلِّ مَحابِرُ كمَزَارِعَ ومَقَابِرَ . وقال الصغانيُّ : قال الجوهريُّ المِحْبَرةُ بكسر الميم وإنما أخذها من كتاب الفارابيِّ والصوابُ بفتح الميمِ وضمِّ الباءِ ثم ذَكَرَ لها ثلاثِينَ نَظَائِرَ مّما وردت بالوجهين : المَيْسَرةُ والمَفْخَرَةُ والمَزْرَعَةُ والمَحْرَمَةُ والمَأْدَبةُ والمَعْرَكَةُ والمَشْرَقَةُ والمَقْدَرةُ والمَأْكَلةُ والمَأْلَكةُ والمَشْهدَةُ والمَبْطَخَةُ والمَقْثأةُ والمَقْنأةُ والمَقْنَاةُ والمَقْنُوَةُ والمَقْمأةُ والمَزْبَلَةُ والمَأْثَرةُ والمَخْرأَةُ والمَمْلكَةُ والمَأْربَةُ والمَسْربَةُ والمَشْربةُ والمَقْبَرَةُ والمَخْبَرَةُ والمَقْرَبَةُ والمَصْنَعةُ والمَخْبزَةُ والمَمْدرَةُ والمَدْبغَةُ . وقد تُشَدَّدُ الرّاءُ في شعرٍ ضرورةً . وبائِعُه الحِبْرِيُّ لا الحَبّار قاله الصغانيُّ وقد حَكَاه بعضُهُم . قال آخَرُون : القياسُ فيه كافٍ . وقد صَرَّحَ كثيرٌ من الصرْفَيِّين بأن فَعّالا كما يكونُ للمبالغة يكونُ للنَّسب والدَّلالة على الحِرَفِِ والصَّنائِعِ كالنَّجّار والبَزّاز قاله شيخُنَا .
الحِبْرُ : العالِمُ ذِمِّيّاً كان أو مُسْلِماً بعد أن يكونَ مِن أهل الكِتَابِ . وقيل : هو للعالِم بتَحْبِير الكلام قاله أبو عبيدٍ قال الشماخ : .
كما خَطَّ عِبْرَانِيَّةً بِيَمِينِه ... بتَيْماءَ حَبْرٌ ثم عَرَّضَ أسْطُرَا . رَوَاه الرُّواةُ بالفتح لا غير أو الصّالحُ ويُفْتَحُ فيهما أي في معنى العالِم والصّالحِ ووَهِمَ شيخُنَا فَرَدَّ ضَمِيرَ التَّثْنِيَةِ إلى المِدَاد والعالِم . وأقامَ عليه النَّكِيرَ بجَلْبِ النُّقُولِ عن شُرّاح الفَصِيح بإنكارهم الفتح في المِداد . وعن ابن سيده في المُخَصص نَقْلا عن العَيْن مثْلُ ذلك وهو ظاهرٌ لمَن تَأَمَّلَ . وقال الأزْهَريُّ : وسأل عبدُ الله بن سلام كعباً عن الحِبْرِ فقال : هو الرجُلُ الصّالحُ . ج أحْبارٌ وحُبُورٌ . قال كَعْبُ بنُ مالك : .
لقد جُزِيَتْ بغَدْرَتِها الحُبُورُ ... كذاك الدَّهرُ ذو صَرْفٍ يَدُورُ