رَجُلٌ تِبْذَارَةٌ بالكسر : يُبذِّر مالَه تَبذيراً أي يُفْسِدُه ويُنْفِقُه في السَّرَفِ . وكلُّ ما فَرَّقْتَه وأفْسدْتَه فقد بَذَّرْتَه . وعبدُ اللهِ بنُ بَيْذَرَةَ شارِي الفَسْوِ . يَأْتِي ذِكْرُه في " ف س و " . قال شيخُنَا : لم يذكُرْه هناك كأنَّهُ نَسِيَه أو أنساه اللهُ تعالَى سَتْراً عليه وكثيراً ما تَقعُ له الإحالاتُ على غير مواضِعِها إمّا سَهْواً أو إهمالاً فلا يَذكُرُهَا بالكُلِّيَّة أو يُحِيلُ على مَوضعٍ ويَذْكُرُ الإحالةَ في موضعٍ آخَرَ . قلتُ : وهذا من شيخِنا تَحَامُلٌ قَوِيٌّ على المصنِّف في غيرِ مَحَلِّه وكيف لا فإنه ذَكَرَه في آخرِ الكتاب وإحَالَتُه صحيحةٌ وذَكَرَ اسمَ جَدِّه وسَبَبَ لَقَبِه فراجِعْه . ولم يَزَلْ شيخُنَا يَتحامَى ويَتحاملُ على عَادَتِه عَفَا اللهُ عنه آمِين .
والبُذُرَّي بضَمَّتَيْن ككُفُريَّ : الباطِلُ عن السِّيرافِيِّ . وقيل : هو فُعُلَّي مِنْ . شَذَرَ بَذَرَ وقيل : مِن البَذْر الذي هو الزَّرْعُ وهو راجِعٌ إلى التَّفْرِيق كذا في اللِّسَان . وطَعامٌ بَذِرٌ ككَتِفٍ : فيه بُذَارَةٌ . بالضَّمّ أي نَزَلٌ بضمَّتَيْن وبضَم فسكُونٍ ومحرَّكَةٍ عن اللِّحْيَانيّ . وقال أبو دَهْبَلٍ : .
أَعْطَى وهَنَّأَنَا ولمْ ... تَكُ مِن عَطِيَّتِه الصَّغَارَهْ .
ومِنَ العَطِيَّةِ ما تُرَى ... جَذْماءَ ليس لها بُذَارَهْ . وطَعامٌ كثيرُ البُذَارةِ .
وبَذَرَّهَ تَبْذِيراً : خَرَّبَه وفَرَّقَه إسرافاً . وتَبْذِيرُ المالِ : تَفرِيقُه إسرافاً وإفسادُه قال اللهُ عَزَّ وجلَّ : " ولا تُبَذِّرْوا تَبْذِيرا " وقيل : التَّبذِير أن يُنْفِقَ المالَ في المَعاصِي وقيل : هو أن يَبْسُطَ يَدَه في إنفاقه حتى لا يَبْقَى منه ما يَقتاتُه واعتبارُه بقوله تعالَى : " ولا تَبْسُطْهَا كلِّ البَسْطِ فتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً " . وقال شيخُنا نَقْلاً عن أئِمَّة الاشتقاقِ : إنّ التَّبْذِيرَ هو تفْرِيقُ البَذْرِ في الأرض ومنه التَّبْذِيرُ بمعنَى صَرْفِ المالِ فيما لا يَنْبِغَي وهو يَشْمَلُ الإسرافَ في عُرْف اللُّغَة . ويُرادُ منه حَقِيقتُه . وقيل : التَّبْذِيرُ تَجَاوُزٌ في مَوْضِعِ الحَقِّ وهو جَهْلٌ بالكَيْفِيَّة ومواقعِها والإسرافُ تَجاوزٌ في الكَمِّيَّة وهو جَهْلٌ بمَقاديرِ الحُقُوقِ وقد تعرَّضَ لبيانِ ذلك الشِّهَابُ في العِناية أثناءَ الإسراءِ . والبَذَارَّةُ بالفَتْح وقد تُخَفَّفُ الرّاءُ كلاهما عن اللِّحْيَانيِّ وعن أبي عَمْروٍ : البّيْذَرَةُ والنَّبْذَرَةُ الأخيرَةُ بالنُّون : التَّبْذِيرُ وتَفْرِيقُ المالِ في غير حقِّه . والمُبَذِّرُ : المُسْرِفُ في النَّفَقة .
باذَرَ وبَذَّرَ مُباذَرَةً وتَبْذِيراً وفي حديث وَقْف عُمَرَ رضيَ اللهُ عنه : " ولِوَلِيَّه أنْ يأْكُلَ منه غيرَ مُبَاذِر " أي غيرَ مُسْرِفٍ . وَرَجُلٌ بَيْذَارةٌ : يُبْذِّرُ مالَه وكذلك رَجُلٌ بَذِرٌ وَصَفَتِ امرأَةُ زَوجَهَا فقالت : لا سَمْحٌ بَذِر ولا بَخِيلٌ حَكِر . وبَذَّرُ كبَقَّم : بِئرٌ بمكّةَ لبَنِي عبدِ الدّارِ . وذكر أبو عُبَيدَةَ في كتاب الآبارِ : وحَفَرَ هاشمُ بنُ عبدِ مَنافٍ بَذَّرَ وهي البئرُ التي عند خَطْمِ الخَنْدَمَةِ على فَمِ شِعْب أبي طالب وقال حين حَفَرها : .
أنبطتُ بَذَّرَ بماءٍ قَلاسْ ... جَعَلْتُ ماءَهَا بلاغاً للنّاسْ . قالوا : هو من التَّبِذير وهو التَّفْرِيق فلعل ماءَها كان يخَرج متفرِّقاً من غيرِ مكانٍ واحد . قاله شيخُنا : وهو نصُّ عبارةِ المُعْجَمِ . قال الأزْهَرِيّ : ومثلُ بَذَّر خَضَّم وعَثَّر وبَقَّم : شجرة قال : ولا مِثلَ لها في كلامهم . قلتُ : وزاد غيرُه : وشَلَّم وكَتَّم وزاد ياقوتُ : خَوَّد وحَطَّم .
قال كُثَيِّرُ عَزَّةَ : .
سَقَى اللهُ أمْواهاً عَرَفْت مكانَها ... جُرَاباً ومَلْكُوماً وبَذَّرَ والغَمْرَا . وهذه كلّها آبارٌ بمكَّةَ . قال ابن بَرِّيّ : هذه كلُّهَا أسماءُ مِيَاهٍ بدَلِيلِ إبْدالِها مِن قولِه أمْوَاهاً ودَعَا بالسُّقْيَا للأمواهِ وهو يُريدُ أهْلَها النّازِلين بها اتِّساعاً ومَجازاً .
عن الأصْمَعِيِّ : تَبذَّرَ الماءُ إذا تَغيَّرَ واصْفَرَّ وأنشدَ لابنِ مُقْبِلٍ :