قال أبو حَنيفَةَ : اسْتَناءوا الوَسْمِيَّ : نظروا إليه وأَصله من النَّوْءِ فقدَّمَ الهَمْزةَ . وفي لسان العرب : قال شِمَرٌ : ولا تَسْتَنِيءُ العربُ بالنُّجوم كلِّها إنَّما يُذكرُ بالأَنواءِ بعضُها وهي معروفةٌ في أَشعارِهم وكلامِهم وكان ابنُ الأَعرابيّ يقول : لا يكون نَوْءٌ حتَّى يكون معه مَطَرٌ وإلاَّ فلا نَوْءَ . قال أَبو مَنصور : أَوَّل المطرِ الوَسْمِيُّ وأَنْواؤُه العَرْقُوَتانِ المُؤَخَّرَتانِ هما الفَرْغُ المُؤَخَّرُ ثمَّ الشَّرْطُ ثمَّ الثُّرَيَّا ثمَّ الشَّتَوِيّ وأَنْواؤُه الجَوْزاءُ ثمَّ الذِّراعانِ ونَثْرَتُهما ثمَّ الجَبْهَةُ وهي آخِر الشَّتَوِيّ وأوَّل الدَّفَئِيِّ والصَّيْفِيِّ ثمَّ الصَّيْفِيُّ وأَنْواؤُه السِّماكانِ الأَعزلُ والرَّقيبُ وما بين السِّماكَيْن صَيْفٌ وهو نحوُ أَربعينَ يوماً ثمَّ الحَميمُ وليس له نَوْءٌ ثمَّ الخَريفيُّ وأَنواؤُه النَّسْرانِ ثمَّ الأَخضر ثمَّ عَرْقُوْتا الدَّلْوِ الأُولَيان وهما الفَرْغُ المُقَدَّم قال : وكلُّ مطرٍ من الوَسْمِيِّ إلى الدَّفَئِيِّ رَبيعٌ . وفي الحديث " من قالَ سُقِينا بالنَّجْمِ فقد آمَنَ بالنَّجْمِ وكَفَرَ بالله " قال الزجَّاجُ : فمن قال مُطِرْنا بنَوْءِ كذا وأَراد الوقتَ ولم يقصِدْ إلى فِعْلِ النَّجْمِ فذلك - والله أعلم - جائزٌ كما جاءَ عن عمر Bه أَنَّه اسْتَسْقى بالمُصَلَّى ثمَّ نادى العبَّاسَ : كم بقي من نَوْءِ الثُّرَيَّا ؟ فقال : إنَّ العلماءَ بها يَزْعمونَ أنَّها تعتَرِضُ في الأُفُقِ سَبْعاً بعد وُقُوعِها . فوالله ما مضتْ تلك السَّبْعُ حتَّى غِيثَ النَّاسُ . فإنَّما أَراد عمر : كم بقيَ من الوقتِ الذي جرتْ به العادَةُ أَنه إذا تَمَّ أَتى الله بالمَطَرِ ؟ قال ابنُ الأَثير : أَمَّا من جعل المَطَر من فِعْلِ الله تعالى وأَراد بقوله مُطِرْنا بنَوْءِ كذا أَي في وقت كذا وهو هذا النَّوْءُ الفلانيّ فإنَّ ذلك جائزٌ أَي أَنَّ الله تعالى قد أَجْرى العادَةَ أَن يأتيَ المطرُ في هذه الأَوقاتِ . ومثلُ ذلك رُوِي عن أبي منصور . وفي بعض نسخ الإصلاح لابن السكِّيت : ما بالبادِيَةِ أَنْوَأُ منه أَي أَعلمُ بالأَنْواءِ منه ولا فعل له . وهذا أَحدُ ما جاءَ من هذا الضَّرْبِ من غير أَن يكون له فعلٌ وإنَّما هو كأَحْنَكِ الشَّاتَيْنِ وأَحْنَكِ البَعيرَيْن على الشُّذوذ أَي من بابِهما أَي أَعظَمُهما حَنَكاً . ووجه الشُّذوذِ أَنَّ شرطَ أَفْعَل التفضيلِ أَن لا يُبْنى إِلاَّ من فِعْلٍ وقد ذكر ابن هشامٍ له نظائرَ قاله شيخُنا . ونَاءَ بصدْرِه : نهض . ونَاءَ إذا بَعُدَ كَنَأَى مقلوبٌ منه صرَّح به كثيرون أَو لغة فيه أَنشد يعقوب : .
أَقولُ وقد ناءتْ بهم غُرْبَةُ النَّوَى ... نَوًى خَيْتَعُورٌ لا تَشِطُّ دِيارُكِ وقال ابن بَرِّيّ : وقرأَ ابنُ عامرٍ " أَعْرَضَ وناءَ بجانِبِه " على القلب وأَنشد هذا البيت واسْتَشْهَد الجوهرِيّ في هذا الموضع بقول سَهْمِ بن حَنْظَلَةَ : .
مَنْ إِنْ رَآكَ غَنيًّا لانَ جانِبُهُ ... وإنْ رَآكَ فَقيراً ناءَ واغْتَرَبَا قال ابنُ المُكَرَّم : ورأَيت بخطِّ الشيخ الصَّلاح المُحَدِّث C أَنَّ الذي أَنشده الأصمعي ليس على هذه الصُّورة وإنَّما هو : .
إذا افْتَقَرْتَ نأَى واشْتَدَّ جانِبُه ... وإِنْ رَآكَ غَنِيًّا لانَ واقْتَرَبَا ونَاءَ الشَّيءُ واللَّحمُ يَنَاءُ أَي كيَخاف والذي في النهاية والصّحاح والمِصباح ولسان العرب يَنيءُ مثل يَبيع نَيْئاً مثل بَيْعٍ فهو نِيءٌ بالكسر مثل نِيعٍ بيِّنُ النُّيُوءِ بوزن النُّيوعِ والنُّيُوأَةِ وكذلك نَهِئَ اللحمُ وهو بيِّن النُّهوءِ أَي لم يَنْضَج أَو لم تَمَسَّه نارٌ كذا قاله ابن المكرَّم هذا هو الأَصل وقيل إنَّها يائِيَّةٌ أَي يُترك الهمزُ ويُقلب ياءً فيقال نِيٌّ مشدَّداً قال أبو ذؤيب : .
عُقارٌ كَمَاءِ النِّيِّ ليستْ بخَمْطَةٍ ... ولا خَلَّةٍ يَكْوي الشُّرُوبَ شِهابُها