تذييل : قال الله تعالى : " وإِذ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً " قرأَ أَبو عُمْرٍو : وَعَدْنَا . بغيرِ أَلفٍ وقرأَ ابنُ كَثِيرٍ ونَافِعٌ وابنُ عامِرٍ وعاصِمٌ وحَمْزَةُ والكِسَائيُّ : واعَدْنَا بالأَلِف قال أَبو إِسحَاقَ اخْتَارَ جَمَاعَةٌ مِن أَهلِ اللغةِ وإِذ وَعَدْنَا بغير أَلفٍ وقالوا : إِنما اخْتَرْنَا هذا لأَن المُوَاعَدَة إِنما تَكُونُ مِن الآدمِيّينَ فاختارُوا وَعَدْنَا وقالَوا : دليلنا قولُ الله تعالى " إِنَّ اللهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الحَقِّ " وما أَشبَهَه قال : وهذا الذي ذَكَرُوه ليس مِثْلَ هذا . وأَمّا وَاعَدْنَا هذا فَجيِّدٌ لأَن الطَّاعَةَ في القَبُولِ بمَنْزِلةِ المُوَاعَدَةِ فهو من الله َعْدٌ ومِن مُوسى قَبُولٌ واتِّبَاعٌ فَجَرَى مَجْرَى المُواعَدَة وقد أَشارَ له في التهذيبِ والمُحكم ونُقِل مثلُ ذلك عن ثَعْلَبٍ . تكميل : قالوا : إِذا وَعَد خَيْراً فلم يَفْعَلْه قالوا : أخْلَفَ فُلانٌ وهو العَيْبُ الفاحِش وإِذا أَوْعَدَ ولم يَفْعَلُ فذلك عندهم العَفْوُ والكَرَمُ ولا يُسَمُّون هذا خُلْفاً فإِن فَعَلَ فهو حَقُّه قال ثَعْلبٌ : ما رَأَيْنَا أَحَداً إِلاَّ وقولُه إن الله جلَّ وَعَلاَ إِذا وَعَدَ وَفَى وإِذا أَوْعَدَ عَفَا وله أَن يُعَذِّب . قاله المُطرّز في الياقوت وحَكَى صاحبُ المُوعب عن أَبي عمرِو بنِ العَلاَءِ أَنه قال لعَمْرِو بن عُبَيْدٍ إِنّك جاهِلٌ بلُغةٍ العَرَب إِنهم لا يَعُدُّونَ العَافِيَ مُخْلِفاً إِنما يَعُدُّون مَن وَعَدَ خَيْراً فلم يَفْعَلْ مُخْلِفاً ولا يَعُدُّونَ مَن وَعَدَ شَرًّا فعَفَا مُخْلِفاً أَمَا سَمِعْت قولَ الشاعرِ : .
" وَلاَ يَرْهَبُ المَوْلَى ولاَ العَبْدُ صَوْلَتِيوَلاَ اخْتَتِي مِنْ صَوْلَةِ المُتَهَدِّدِ .
وإِنِّي وإِنْ أَوْعَدْتُه أَوْ وَعَدْتُه ... لَمُخْلِف إِيعَادِي وَمُنْجِزُ مَوْعِدِي وقد أَوْسَع فيه صاحبُ المُجْمل في رِسَالةٍ مُخْتَصَّةٍ بالفَرْق بين الوَعْد والوَعِيد فراجِعْهَا . واختُلِف في حُكْم الوفَاءِ بالوَعْد هل هو واجِبٌ أَو سُنَّة ؟ أَقوالٌ . قال شيخُنَا : وأَكثرُ العلماءِ على وُجوبِ الوفَاءِ بالوَعْدِ وتَحْرِيمِ الخُلْفِ فيه وكانَت العرَبُ تَستَعِيبه وتَسْتقْبِحه وقالوا : إِخْلافُ الوَعْد من أَخلاق الوَغْد وقيل : الوَفَاءُ سُنَّة والإِخلاف مكروهٌ واستَشْكَلَه بعضُ العلماءِ وقال القاضي أَبو بكر بن العَرَبيّ بعد سَرْدِ كلامٍ : وخُلْفُ الوَعدِ كَذِبٌ ونِفاقٌ وإِن قَلَّ فهو مَعْصِيَةٌ وقد أَلَّف الحافِظُ السَّخَاويُّ في ذلك رِسَالَةً مستقِلَّة سمَّاهَا الْتِمَاس السَّعْد في الوَفَاءِ بالوَعْد جمعَ فيها فأَوْعَى وكذَا الفقيه أَحمد بن حَجَر المَكِّيّ أَلَمَّ على هذا البَحْثِ في الزَّواجِر ونَقلَ حاصِلَ كلامِ السَّخاوِيّ بِرُمَّتِه فراجِعْه ثمّ قال شيخُنَا : وأَمَّا الإِخْلافُ في الإِيعاد الذي هو كَرَمٌ وعَفْوٌ فمُتَّفَقٌ على تَخَلُّفِه والتمدُّحِ بِترْكِه وإِنما اختَلَفوا في تَخَلُّفِ الوَعِيدِ النِّسْبَة إِليه تَعالَى فأَجَازَه جَمَاعَة وقالُوا : هو من العَفْوِ والكَرَمِ اللائقِ به سُبْحَانَه . ومَنَعَه آخَرُونَ وقالوا : هو كَذِبٌ ومخَالِفٌ لقَوْلِه تَعالى " مَا يُبَدَّلُ القَوْلُ لَدَيَّ " وفيه نَسْخُ الخَبَرِ وغير ذلك وصُحِّح الأَوَّلُ وقد أَورَدَهَا مبْسُوطَةً أَبو المُعِين النَّسفيّ في التَّبْصِيرَة فراجِعْهَا والله أَعلَمُ و غ د .
الوَغْدُ : الصَّبِيُّ . الوَغْدُ : خادِمُ القَوْمِ وقد وَغَدَهم يَغِدُهُم وَغْداً : خَدَمَهم وقيل : هو الذي يَغِدُهُم وَغْداً : خَدَمَهم وقيل : هو الذي يَخْدُم بِطَعَامِ بَطْنِه . كذا في الأَساس واللسان وفي شَرْحِ لامِيَّة الطغْرائِيّ عند قَوْله : .
" مَا كُنْتُ أُوثِرُ أَنْ يَمْتَدَّ بِي زَمَنِيحَتَّى أَرَى دَوْلَةَ الأَوْغَادِ والسَّفَلِ