واختار اللّحيانيّ يا فيَّ مالي ورُوِي أيضاً يا هَيْءَ قال أَبو عُبَيد : وزاد الأَحمر : يا شيءَ وهي كلّها بمعنًى وقد تقدَّم طَرَفٌ من الإشارة في شيء وسيأتي أيضاً إن شاء الله تعالى . وفاءَ المُولي من امرأتِهِ أَي كَفَّرَ عن يَمينه وفي بعض النُّسخ كفَّرَ يَمينَه ورَجَعَ إليها أَي الامرأة قال الله تعالى " فإِنْ فاءُوا فإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحيمٌ " قال المفسِّرون : الفَيْءُ في كتاب الله تعالى على ثلاثة معانٍ مرجِعُها إلى أَصلٍ واحدٍ وهو الرُّجوعُ قال الله تعالى في المُولِينَ من نِسائهم " فإِنْ فاءُوا فإنَّ اللهَ غَفورٌ رَحيمٌ " وذلك أنَّ المُولِي حلَف أَن لا يَطَأَ امرأتَه فجعل اللهُ لهذه أربعة أَشهر بعد إيلائه فإن جامَعَها في الأربعة أشهرٍ فقد فاءَ أَي رَجع عمَّا حَلَف عليه من أَن لا يُجامِعَها إلى جِماعها وعليه احِنْثِ كفَّارَةُ يَمينٍ وإنْ لم يُجامعها حتَّى تنقضي أَربعَةُ أَشهرٍ من يوم آلَى فإنَّ ابنَ عبَّاسٍ وجماعةً من الصَّحابة أَوقعوا عليها تَطليقَةً وجعلوا عن الطَّلاقِ انقضاءَ الأَشهُرِ وخالَفهم الجماعَةُ الكثيرةُ من أَصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وغيرهم من أَهل العلم وقالوا : إِذا انقضتْ أَربعَةُ أَشهرٍ ولم يُجامعها وُقِفَ المُولِي فإمَّا أن يَفيءَ أَي يُجامع ويُكَفِّرَ وإمَّا أَن يُطَلِّقَ فهذا هو الفَيْءُ من الإيلاء وهو الرجوع إلى ما حلف أن لا يفعله قال ابن منظور : وهذا هو نصُّ التنزيل العزيز " للَّذين يُؤْلُونَ من نِسائِهِمْ تَرَبُّصُ أَربَعَةِ أَشْهُرٍ فإنْ فاءُوا فإنَّ اللهَ غَفورٌ رَحيمٌ وإنْ عَزَموا الطَّلاقَ فإِنَّ اللهَ سَميعٌ عَليمٌ " وقال شيخنا : قوله فاءَ المُولِي إلى آخرِه ليس من اللغة في شيءٍ بل هو من الاصطلاحات الفِقهيَّةِ ككَثيرٍ من الأَلفاظ المُستعمَلَة في الفُنون فيورِدُها على أَنَّها من لغة العرب وإلاَّ فلا يُعْرف في كلامِ العربِ فاءَ : كَفَّرَ انتهى . قلت : لعلَّه لمُلاحظَةِ أَنَّ معناه يَؤولُ إلى الرجوع فوجَب التنبيه على ذلك وقد تقدَّمت الإشارة إليه في كلام المفسِّرين . وقد فِئْتُ كخِفْت الغَنيمَةَ فَيْئاً واسْتَفَأْتُ هذا المالَ أَي أَخذتُه فَيْئاً وأَفاءَ اللهُ تعالى عَلَيَّ يُفِيءُ إِفاءةً قال الله تعالى " ما أَفاءَ اللهُ عَلَى رَسُولِهِ من أَهْلِ القُرَى " في التهذيب : الفَيْءُ : ما رَدَّ اللهُ على أَهلِ دينه من أَموال من خالَفَ أَهلَ دِينه بلا قتالٍ إمَّا بأَن يجْلوا عن أَوطانِهم ويُخَلُّوها للمُسلمين أَو يُصالِحوا على جزيَةٍ يُؤَدُّونَها عن رُؤوسهم أَو مالٍ غيرِ الجِزْية يَفْتَدونَ به من سَفْكِ دِمائهم فهذا المال هو الفَيْءُ في كتاب الله تعالى " فما أَوْجَفْتُمْ عليه من خَيْلٍ ولا رِكابٍ " أَي لم توجِفوا عليه خَيْلاً ولا رِكاباً . نَزَلَتْ في أَموالِ بني النَّضير حين نَقَضوا العَهْدَ وجَلَوْا عن أَوطانهم إلى الشام فقسَّم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أَموالَهم من النَّخيل وغيرِها في الوُجوه التي أَراها الله تعالى أَن يَقْسِمَها فيها . وقِسمَةُ الفَيْءِ غيرُ قِسْمَةِ الغَنيمة التي أَوْجَفَ اللهُ عليها بالخَيْلِ والرِّكاب . وفي الأساس : فُلان يَتَفَيَّأُ الأخبارَ ويَسْتَفيئُها . وأفاءَ الله عليهم الغَنائمَ ونحن نَسْتفيءُ المغانم انتهى . والفَيْئَةُ : طائرٌ كالعُقاب فإذا خافَ البَرْدَ انحدَرَ إلى اليمن كذا في لسان العرب . ويقال لِنَوى التَّمْر إِذا كانَ صُلْباً : ذو فَيْئَةٍ وذلك أنه تُعْلَفُهُ الدوابُّ فتأكُله ثمَّ يَخْرُج من بطونها كما كانَ نَدِيًّا وقال عَلْقَمة بن عَبَدة يصف فرساً : .
سُلاَّءةً كَعَصا النَّهْدِيِّ غُلَّ لها ... ذو فَيْئَةٍ من نوى قُرَّانَ مَعْجومُ