من المجاز : فرسٌ عُوَمُ وسَبُوحٌ . و " السَّوابِحُ : الخَيْلُ لسبْحِهَا بيَدَيْهَا في سَيْرِهَا " وهي صِفَة غالبةٌ وسَبْحُ الفَرسِ : جَرْيُه . وقال ابن الأَثير : فَرسٌ سابِحٌ إِذا كان حَسنَ مَدِّ اليَدينِ في الجَرْي . التَّسْبِيحُ : التَّنْزِيهُ . وقولهم : " سُبْحانَ اللهِ " بالضَّمّ : هكذا أَوردوه فإِنكار شيخِنا هذا القيدَ على المصنِّف في غير مَحَلِّه . وقيل : تَنْزِيهُ اللهِ تَعَالَى عن كلِّ ما لا يَنْبَغِي له أَن يُوصَفَ به . وقال الزَّجّاج : سُبْحَان في اللُّغَةِ تنزيهُ الله عزّ وجلّ عن السُّوءِ " مَعْرِفةٌ " . قال شيخنا : يريد أَنه عَلَمٌ على البِرِّ ونَحْوِه من أَعْلاَم الأَجْنَاس المَوضوعةِ للمَعانِي . وما ذَكَره من أَنه عَلَمٌ هو الّذي اختارَه الجماهيرُ وأَقرَّه البَيْضَاوِيّ والزّمخشريّ والدَّمامِينيّ وغيرُ واحد . قال الزّجّاج في قوله تعالى : " سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى " " نُصِب على المصْدَر " أَي على المَفْعوليَّة المُطْلَقة ونَصْبُه بفِعْلٍ مُضْمَر متروكٍ إِظهارُه تقديرُه : أُسَبِّحُ اللهَ سُبْحانَه تَسْبِيحاً . قال سيبويهِ : زعم أَبو الخَطّابِ أَنّ سُبْحان اللهِ كقَوْلِك : بَرَاءَةَ اللهِ " أَي أُبَرِّئُ اللهَ " تعالى " من السُّوءِ بَرَاءَةً " . وقيل : قولُه : سُبحانَك أَي أُنَزِّهُك يا ربّ من كلّ سُوءٍ وأُبرِّئُك . انتهَى . قال شيخنا : ثم نُزِّلَ سُبْحَانَ مَنْزلةَ الفِعْل وسَدَّ مَسدَّه ودَلَّ على التَّنزيه البليغِ من جميع القبائِحِ الّتي يُضِيفُها إِليه المُشْرِكُون تعالى اللهُ عمّا يقوله الظَّالمون عُلوّاً كبيراً . انتهَى . وروَى الأَزهريّ بإِسناده أَن ابنَ الكَوّاءِ سأَل عَليّاً Bه عن سبحانَ فقال : كلمةٌ رَضِيَها اللهُ تعالى لنفسِه فأَوْصَى بها " أَو معناه " على ما قال ابن شُمَيل : رأَيتُ في المَنَام كأَنّ إِنساناً فَسَّر لي سُبحانَ اللهِ فقال : أَمَا تَرَى الفَرَسَ يَسْبَح في سُرعته ؟ وقال : سُبْحَان الله : " السُّرْعةُ إِليه والخِفَّةُ في طاعته " . وقال الرّاغِب في المفردات : أَصلُه في المَرِّ السَّرِيع فاستُعير للسُّرْعَة في العَمَل ثم جُعِل للِعبَادات قولاً وفِعْلاً . وقال شيخُنَا نَقلاً عن بعضهم : سُبحَان اللهِ : إِمّا إِخْبارٌ قُصِدَ به إِظهارُ العُبُوديّة واعتقادُ التقدُّسِ والتّقديسِ أَو إِنشاءُ نِسبِة القُدْس إِليه تعالى . فالفعل للنِّسبة أَو لسَلْبِ النَّقائصِ أَو أُقيم المَصْدَرُ مُقامَ الفِعْلِ للدّلالة على أَنّه المطلوب أَو للتَّحَاشِي عن التَّجدُّد وإِظهار الدَّوَام . ولذا قيل : إِنّه للتَّنزيه البليغِ مع قَطْعِ النَّظَر عن التّأْكيد . وفي العجائب للكَرْمانيّ : من الغريب ما ذَكَره المُفضَّل : أَنّ سُبحَانَ : مَصْدرُ سَبَحَ إِذا رفعَ صَوْتَه بالدُّعاءِ والذِّكْر وأَنشد : .
قَبَحَ الإِلهُ وُجُوهَ تَغْلبَ كُلَّمَا ... سَبَحَ الحَجيجُ وكَبَّرُوا إِهْلاَلاَ قال شيخُنا : قلت : قد أَوْرَده الجَلالُ في الإِتقان عَقبَ قوله : وهو أَي سُبْحانَ ممّا أُميت فِعْلُه . وذكَر كلاَمَ الكَرْمانيّ متعجِّباً من إِثبات المفضّلِ لبناءِ الفِعْلِ منه . وهو مشهورٌ أَوْرَده أَربابُ الأَفعال وغيرُهم وقالوا : هو من سَبَحَ مُخفّفاً كشَكَرَ شُكْرَاناً . وجَوَّز جَماعَةٌ أَن يكون فِعْلُه سَبَّحَ مشدَّداً إِلاّ أَنّهُم صَرَّحوا بأَنّه بَعيدٌ عن القياسِ لأَنه لا نَظِيرَ له بخلافِ الأَوّلِ فإِنّه كثير وإِن كان غيرَ مَقِيس . وأَشارُوا إِلى اشتقاقه من السَّبْح : العَوْمِ أَو السُّرْعةِ أَو البُعْد أَو غيرِ ذلك . من المجاز : العَرَب تقول : " سُبْحَانَ مِنْ كذا تَعجُّبٌ منه " . وفي الصّحَاح بخطّ الجوهَرِيّ : إِذا تُعُجِّب منه . وفي نُسخَة : إِذا تَعجَّبْت منه . قال الأَعشى : .
أَقولُ لمّا جاءَني فَخْرُه ... سُبْحَانَ منْ عَلْقَمَة الفاخر يقول : العَجَب منه إِذ يَفْخَر . وإِنّمَا التّأْنيث . وقال ابن بَرِّيّ : إِنّمَا امتنع صَرْفُه للتّعريف وزيادة الأَلف والنُّون وتَعْرِيفُه كونُه اسماً عَلَماً للبَرَاءَة كما أَنّ نَزالِ اسمٌ عَلَمٌ للنُّزُولِ وشَتَّانَ اسمٌ عَلَمٌ للتَّفرُّق . قال : وقد جاءَ في الشِّعر سُبْحان مُنوّنةً نَكِرَةً قال أُميَّة :