" الفَلْتَةُ " بالفَتْح : " آخِرُ لَيْلَةٍ مِن " الشَّهْرِ وفي الصّحَاح : آخرُ لَيْلَةٍ من " كُلِّ شَهْر أَو آخِرُ يوم من الشَّهْرِ الذِي بَعْدَهُ الشَّهْرُ الحَرَامُ " كآخرِ يَوْمٍ مِنْ جُمَادَى الآخِرَة وذلك أَنْ يَرَى فيهِ الرَّجُلُ ثَأْرَهُ فرُبَّمَا تَوانَي فِيهِ فإِذا كان الغَدُ دَخَلَ الشَّهْرُ الحَرَامُ ففَاتَهُ قال أَبُو الهَيْثَمِ : كان العَربِ في الجاهِلِيَّةِ ساعَةٌ يُقَالُ لها : الفَلْتَةُ يُغِيرُون فيها وهي آخِرُ ساعَةِ من آخِرِ يَوْمٍ من أَيَّامِ جُمَادَى الآخِرة يُغِيرُون تِلْكَ الساعَةَ وإِن كان هِلالُ رَجَب قد طَلَعَ تلك الساعَةَ ؛ لأَنّ تلك الساعَةَ مِن آخِرِ جُمَادى الآخِرَةِ ما لم تَغِب الشَّمْسُ وأَنشد : .
والخَيْلُ ساهِمَةُ الوُجُو ... هِ كأَنَّما يَقْمُصْنَ مِلْحَا .
صَادَفْنَ مُنْصُلَ أَلَّةٍ ... في فَلْتَةٍ فَحَوَيْنَ سَرْحَا وقيل : لَيْلَةٌ فَلْتَةٌ : هي التي ينْقُصُ بها الشَّهْرُ ويَتِمٌّ فربما رأَى قومٌ الهلالَ ولم يُبْصِرْه الآخرون فيُغِيرُ هؤلاءِ على أُولئك وهم غَارُّونَ وذلك في الشهر وسُمِّيَتْ فَلْتَةً ؛ لأَنَّهَا كالشّيْءِ المُنْفَلِتِ بعد وَثاقٍ وأَنشد ابن الأَعْرَابيّ : .
وغارَةُ بَيْن اليَوْمِ واللَّيْلِ فَلْتَةٌ ... تَدَارَكْتُها رَكْضاً بِسِيد عَمَرَّدِ شبَّه فَرَسَه بالذِّئْبِ . يُقَال : " كَانَ ذلك " الأَمْرُ فَلْتَةً أَي فَجْأَةً من غير تَرَدُّدٍ و " لا " تَدَبُّرٍ " . وعبَارَةُ المِصْبَاحِ : أَي فَجْأَةً حَتَّى كأَنَّه انْفَلَتَ سَرِيعاً ؛ وفي الحَديث " إِنَّ بَيْعَةَ أَبِي بَكْرٍ كانَتْ فَلْتَةً وَقَى اللهُ شَرَّهَا " قيل : الفَلْتَةُ هنا مُشْتَقَّةٌ من الفَلْتَةِ آخِرِ لَيْلَةٍ من الأَشْهُرِ الحُرُمِ فَيَخْتَلِفُون فيها أَمِنَ الحِلّ هي أَمْ من الحَرَمِ فيُسارع المَوتُورُ إِلى دَرْكِ الثَّأْرِ فيَكْثُرُ الفَسَادُ وتُسْفَكُ الدّماءُ فشَبَّهَ أَيامَ النَّبيِّ صلّى الله عَلَيْهِ وسلّم بالأَشْهُرِ الحُرُمِ وَيَوْمَ مَوْتِهِ بالفَلْتَةِ في وقوع الشَّرِّ من ارتدادِ العَرَبِ وتَوَقُّفِ الأَنْصَارِ عن الطَّاعَةِ ومَنْعِ مَنْ مَنَعَ الزَّكَاةَ والجَرْيِ على عَادَةِ العَرَبِ في أَن لا يَسُودَ القبيلَةَ إِلاّ رَجُلٌ مِنْهَا . ونَقَل ابنُ سِيدَه عن أَبي عُبيدٍ : أَراد : فَجْأَةً وكَانَتْ كذلك ؛ لأَنَّها لم تُنْتَظَرْ بها العَوامُّ إِنما ابْتَدَرَهَا أَكابِرُ أَصحابِ رسولِ الله صلّى الله علَيْهِ وسلّم من المُهَاجِرِينَ وعامَّةِ الأَنْصارِ إِلاّ تِلْكَ الطَّيْرَةَ التي كانَتْ من بَعْضِهِمْ ثم أَصْفَقَ الكُلُّ له بمَعْرِفَتْهِم أَنْ لَيْسَ لأَبِي بَكْرٍ Bه مُنازِعٌ ولا شَرِيكٌ في الفضلِ ولم يكن يُحْتَاجُ في أَمْرِه إِلى نَظَر ولا مُشاوَرَةٍ . وقال الأَزْهَرِيُّ : إِنما معن فَلْتَة : البَغْتَةُ قال : وإِنما عُوجِلَ بها مُبَادَرَةً لانْتِشارِ الأَمْرِ حتى لا يَطمَعَ فيها من ليسَ لها بِمَوْضِعٍ . وقال ابنُ الأَثِيرِ : أَرادَ بالفَلْتَة الفَجْأَةَ ومِثْلُ هذِهِ البيعة جَدِيرةٌ بأَن تكون مُهَيِّجَةً للشَّرِّ والْفِتْنَةِ فعَصَم اللهُ تعالى من ذلك وَوَقَى قالَ : والفَلْتَةَ : كُلُّ شَيْءٍ فُعِلَ من غَيْرِ رَوِيَّة وإِنما بُودِرَ بها خَوْفَ انْتِشَارِ الأَمْرِ . وقيل : أَرِادَ بالفَلْتَةِ الخَلْسَةَ أَي أَنّ الإِمَامَةَ يومَ السَّقِيفَة مَالَت الأَنْفُسُ إِلى تَوَلِّيهَا ولذلك كَثُرَ فيها التَّشَاجُرُ فما قُلِّدَهَا أَبُو بَكْر إِلاّ انْتزَاعاً من الأَيْدي واخْتِلاساً كما في لسانِ العرب ومثله في الفائقِ والمُحْكَم وغيرها ووجدت في بعض المَجَاميع : قال عليُّ بنُ الإِسْرَاج : كان في جِوَارِي جَارٌ يُتَّهَمُ بالتَّشَيُّعِ وما بانَ ذلك منه في حالٍ من الحالاتِ إِلا في هِجاءِ امرأَتِهِ فإِنه قال في تَطْلِيقها : .
ما كُنْتِ من شَكْلِى ولا كُنْتُ منْ ... شَكْلِكِ يا طَالِقَةُ الْبَتَّهْ .
غَلطْتُ في أَمْرِكِ أُغْلُوطَةً ... فأَذْكَرَتْنِي بَيْعَةَ الفَلْتَهْ