وهَبَهُ له كوَدَعَهُ يَهَبُه وَهْباً بالسكون ووَهَباً بالتّحريك وهِبَةً كَعِدَةٍ مقيِسٌ في أَمثالِه ولا تَقُلْ أَيُّهَا اللُّغَوِيّ وفي المحكم وتهذيب الأَفْعَال وغيرِهما : ولا يُقالُ : وَهَبَكَهُ متعدّياً إِلى مفعولين ؛ وهذا قولُ سيبَوَيْه أَو حكاهُ أَبُو عَمْرِو بْن العَلاءِ اشتهر بكُنْيتِه واخْتُلِف في اسمِهِ على أَحد وعشرينَ قولاً : أَصحُّها زَبّان بالزّاي والوَحَّدة وقيل : اسمُه كُنْيَتُهُ . وسببُ الاختلافِ أَنَّه كان لجلالته لا يُسْأَلُ عن اسمهِ كذا في المزهر وقد تقدَّم في مقدّمة الخُطْبة ما يُغنِي عن الإِعادة . أَو هو أَبو عَمْرٍو والشَّيْبَانِيُّ لكنَّه إِذ أُطْلِقَ لا يُصْرَفُ إِلاَّ إِلى الأَوّل كما هو مشهور قال شيخُنا : ونقلَه قومٌ عن سِيبَوَيْه . وفي بعض النُّسَخ ما يُشِيرُ إِليه إِلاّ أَنَّه تَحريفٌ لأَنّه قِيل فيها : أَو حكاه ابْنُ عَمْروٍ سِيَبَوَيْهِ عن أَعرابيّ . قلتُ : المنقولُ عن سِيبَوَيْهِ خلافُ ذلك كما قدّمناهُ وهذه النُّسْخة خطأ على أَنّ في لسان العرب : وحكّي السِّيرافيُّ عن أَبي عْمروِ عَنْ أَعْرَابِيٍّ سَمِعَه يقولُ لآِخَرَ : انطْلِقْ معى أَهَبْكَ نَبْلاً . فالصَّوَابُ في النّسخة : أَوْ حكاه أَبو سعيدٍ عن عمروٍ عن أَعرابيٍ ؛ لأَنَّ السِّيرَافيَّ اسْمُهُ الحَسنُ بْنُ عبدِ اللهِ وكنيته أَبو سعيدِ والمُراد بعمروٍ وهو سِيبَوَيْهِ لأَنّه عَمْروٍ بن عُثْمَانَ بْنِ قَنْبَر والسِّيرافيُّ شَرَحَ كتَاب سِيبَوَيْهِ فسقط من الكاتب : سعيد وعن . وهذا يؤيّد ما نقله شيخُنا عن بعضٍ أَنّه قولُ سِيبَوَيْهِ . وهَو واهِبٌ ووهّابٌ ووَهُوب . من أَسمائه تعالى الوهَّابُ وهو المُنْعِمُ على العِباد وفي النّهايَة : وهو في صِفَته تعالَى يَدُلُّ على البّذل الشْاملِ والعطاءِ الدائّم بلا تَكَلُّفٍ ولا غَرضٍ ولا عِوَضٍ . قلتُ : قالَ ابنُ منظور الهِبة : العَطِيَّةُ الخاليَةُ عن الأَعْراض والأَعْواض فإِذا كَثُرَتْ سُمِّيَ صاحبُها وَهّاباً وهو من أَبْنِية المُبَالغة . من صفاتِ الذَّات أَو الأَفعال والصّحيحُ الثّاني أَو أَنَّ المُرَادَ إِرادةُ الهِبَةِ انتهى . والوَهُوب : الرَّجُلُ الكثيرُ الهِبَاتِ ووَهّابَةٌ زِيِدَت فيه الهاءُ لتأْكيدِ المُبالغةِ كعَلاَّمةٍ . والاسمُ المَوْهِبُ والمَوْهِبَةُ بكسر الهاءِ فيهما . صرَّح به الفيُّوميُّ وابْن القُوطِيَّةِ وابْنُ القَطَّاع والجوْهريّ والسَّرقُسْطيُّ للقاعدة السابقة . واتَّهَبَه : قَبِلَهُ . في الصَّحِاح : الاتِّهابُ : قَبُولُ الهِبَةِ والاستِيهاب : سُؤالُها . وفي اللِّسان : اتَّهَبْتُ منك دِرْهماً افْتَعلْتُ من الهِبَة . وفي الحديث : " لَقَدَ هَمَمْتُ أَنْ لا أَتَّهِبْ إِلاَ من قَرَشِيِّ أَو أَنصَاريٍّ أَوْ ثَقَفِيٍّ " ؛ لأَنّهم أَصحابُ مُدُنٍ وُرىً وهم أَعْرَفُ بمكارم الأَخلاق . قال أَبو عُبيْد : رأَى النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلَّم جفَاءً في أَخلاق البادَية وذَهاباً عن المُرُوءَةِ وطلباً للزِّيادة على ما وَهَبُوا فَخصَّ أَهلَ القُرى العربيَةِ خاصَّةً في قَبَول الهديّة منهم دونَ أَهلِ الباديةِ لِغَلَبَ الجفَاءِ على أَخلاقهم وبُعْدهِم من ذَوِي النُّهَى والعُقول . وأَصْلُه : أَوْ تَهَبَ قلبت الواوُ تاءً أَوْغِمت في تاءِ الافتعال مثل : اتَّعَدَ واتَّزَنَ من الوَعْدِ والوَزْنِ . فيهِمُ التَّهادِي والتَّوَاهُبُ . يقالُ : تَواهبُوا : إِذا وَهَبَ بعْضُهُم لِبَعْضٍ وتَواهَبهُ النّاسُ بينهم . وفي حديث الأَحْنَف : .
" ولا التَّواهُبُ فيما بَيْنَهْمُ ضَعَة أَي : أَنَّهُم لا يَهَبُونَ مُكْرَهِينَ