( ( ) تابع 1 ) حسب في أَسماءِ اللّه تعالى الحَسِيبُ هو الكافي فَعِيلٌ بمعنى والحِسْبةُ مصدر احْتِسابِكَ الأَجر على اللّه تقول فَعَلْته حِسْبةً واحْتَسَبَ فيه احْتِساباً والاحْتِسابُ طَلَبُ الأَجْر والاسم الحِسْبةُ بالكسر وهو الأَجْرُ واحْتَسَبَ فلان ابناً له أَو ابْنةً له إِذا ماتَ وهو كبير وافْتَرَطَ فَرَطاً إِذا مات له ولد صغير لم يَبْلُعِ الحُلُمَ وفي الحديث مَنْ ماتَ له ولد فاحْتَسَبَه أَي احْتسب الأَجرَ بصبره على مُصيبتِه به معناه اعْتَدَّ مُصِيبَتَه به في جُملةِ [ ص 315 ] بَلايا اللّه التي يُثابُ على الصَّبْر عليها واحْتَسَبَ بكذا أَجْراً عند اللّه والجمع الحِسَبُ وفي الحديث مَن صامَ رمضانَ إِيماناً واحْتِساباً أَي طلَباً لوجهِ اللّهِ تعالى وثَوابِه والاحتِسابُ من الحَسْبِ كالاعْتدادِ من العَدِّ وإِنما قيل لمن يَنْوِي بعَمَلِه وجْهَ اللّهِ احْتَسَبَه لأَن له حينئذ أَن يَعْتدَّ عَمَله فجُعِل في حال مُباشرة الفعل كأَنه مُعْتَدٌّ به والحِسْبةُ اسم من الاحْتِسابِ كالعِدّةِ من الاعْتِداد والاحتِسابُ في الأَعمال الصالحاتِ وعند المكْرُوهاتِ هو البِدارُ إِلى طَلَبِ الأَجْرِ وتَحْصِيله بالتسليم والصبر أَو باستعمال أَنواعِ البِرِّ والقِيامِ بها على الوَجْهِ المَرْسُوم فيها طلَباً للثواب المَرْجُوِّ منها وفي حديث عُمَر أَيُّها الناسُ احْتَسِبُوا أَعْمالَكم فإِنَّ مَن احْتَسَبَ عَمَلَه كُتِبَ له أَجْرُ عَمَلِه وأَجْرُ حِسْبَتِه وحَسِبَ الشيءَ كائِناً يَحْسِبُه ويَحْسَبُه والكَسر أَجْودُ اللغتَين ( 1 ) .
( 1 قوله « والكسر أجود اللغتين » هي عبارة التهذيب ) حِسْباناً ومَحْسَبَةً ومَحْسِبةً ظَنَّه ومَحْسِبة مصدر نادر وإِنما هو نادر عندي على من قال يَحْسَبُ ففتح وأَما على من قال يَحْسِبُ فكَسَر فليس بنادر وفي الصحاح ويقال أَحْسِبه بالكسر وهو شاذّ لأَنّ كل فِعْلٍ كان ماضِيه مكسوراً فإِن مستقبله يأْتي مفتوح العين نحو عَلِمَ يْعلَم إِلا أَربعةَ أَحرف جاءَت نوادر حَسِبَ يَحْسِبُ ويَبِسَ يَيْبِسُ ويَئِسَ يَيْئِسُ ونَعِمَ يَنْعِم فإِنها جاءَت من السالم بالكسر والفتح ومن المعتل ما جاءَ ماضيه ومُسْتَقْبَلُه جميعاً بالكسر وَمِقَ يَمِقُ ووَفِقَ يَفِقُ ووَثِقَ يَثِقُ ووَرِعَ يَرِعُ ووَرِمَ يَرِمُ ووَرِثَ يَرِثُ ووَرِيَ الزَّنْدُ يَرِي وَوِليَ يَلي وقُرِئَ قوله تعالى لا تَحْسَبَنَّ ولا تحْسِبَنَّ وقوله أَم حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحابَ الكَهْفِ الخطابُ للنبي صلى اللّه عليه وسلم والمراد الأُمة وروى الأَزهريُّ عن جابر بن عبداللّه أَن النبي صلى اللّه عليه وسلم قرأَ يَحْسِبُ أَنَّ مالَه أَخْلَدَه معنى أَخْلَدَه أَي يُخْلِدُه ومثله ونادَى أَصحابُ النارِ أَي يُنادِي وقال الحُطَيْئَةُ .
شَهِدَ الحُطَيْئةُ حِينَ يَلْقَى رَبَّه ... أَنَّ الوَلِيدَ أَحَقُّ بالعُذْرِ .
يريد يَشْهَدُ حين يَلْقَى رَبَّه وقولهم حَسِيبُكَ اللّه أَي انْتَقَمَ اللّهُ منك والحُسْبانُ بالضم العَذاب والبَلاءُ وفي حديث يحيى بن يَعْمَرَ كان إِذا هَبَّتِ الرِّيحُ يقول لا تَجْعَلْها حُسْباناً أَي عَذاباً وقوله تعالى أَو يُرْسِلَ عليها حُسْباناً مِنَ السَّماءِ يعني ناراً والحُسْبانُ أَيضاً الجرادُ والعَجاجُ قال أَبو زياد الحُسْبانُ شَرٌّ وبَلاءٌ والحُسبانُ سِهامٌ صِغارٌ يُرْمَى بها عن القِسِيِّ الفارِسِيَّةِ واحدتها حُسْبانةٌ قال ابن دريد هو مولَّد وقال ابن شميل الحُسْبانُ سِهامٌ يَرْمِي بها الرجل في جوفِ قَصَبةٍ يَنْزِعُ في القَوْسِ ثم يَرْمِي بعشرين منها فلا تَمُرُّ بشيءٍ إِلا عَقَرَتْه من صاحِب سِلاحٍ وغيره فإِذا نَزع في القَصَبةِ خرجت الحُسْبانُ كأَنها غَبْيةُ مطر فَتَفَرَّقَتْ في الناس واحدتها حُسْبانةٌ وقال ثعلب الحُسْبانُ المَرامي واحدتها حُسْبانةٌ والمرامِي مثل المَسالِّ دَقيقةٌ فيها شيءٌ من طُول لا حُروف لها قال والقِدْحُ بالحَدِيدة [ ص 316 ] مِرْماةٌ وبالمَرامِي فسر قوله تعالى أَو يُرْسِلَ عليها حُسباناً من السماءِ والحُسْبانةُ الصّاعِقةُ والحُسْبانةُ السَّحابةُ وقال الزجاج يُرْسِلَ عليها حُسْباناً قال الحُسْبانُ في اللغة الحِسابُ قال تعالى الشمسُ والقمرُ بحُسْبان أَي بِحِسابٍ قال فالمعنى في هذه الآية أَن يُرْسِلَ عليها عَذابَ حُسْبانٍ وذلك الحُسْبانُ حِسابُ ما كَسَبَتْ يَداك قال الأَزهري والذي قاله الزجاجُ في تفسير هذه الآية بَعِيدٌ والقولُ ما تقدّم والمعنى واللّه أَعلم أَنَّ اللّهَ يُرْسِلُ على جَنَّةِ الكافر مَرامِيَ من عَذابِ النارِ إِما بَرَداً وإِما حِجارةً أَو غيرهما مما شاءَ فيُهْلِكُها ويُبْطِلُ غَلَّتها وأَصْلَها والحُسْبانة الوِسادةُ الصَّغيرة تقول منه حَسَّبْتُه إِذا وَسَّدْتَه قال نَهِيك الفَزارِيُّ يخاطب عامر بن الطفيل .
لتَقَيتَ بالوَجْعاءِ طَعْنةَ مُرْهَفٍ ... مُرَّانَ أَو لَثَويْتَ غَيْرَ مُحَسَّبِ .
الوَجْعاءُ الاسْتُ يقول لو طَعَنْتُكَ لوَلَّيْتني دُبُرَكَ واتَّقَيْتَ طَعْنَتِي بوَجعائِكَ ولثَوَيْتَ هالِكاً غير مُكَرَّمٍ لا مُوَسَّدٍ ولا مُكَفَّنِ أَو معناه أَنه لم يَرْفَعْكَ حَسَبُكَ فيُنْجِيَكَ من الموت ولم يُعَظَّم حَسَبُكَ والمِحْسَبة الوِسادةُ من الأَدَمِ وحَسَّبَه أَجْلسه على الحُسْبانةِ أَو المِحْسَبة ابن الأَعرابي يقال لبِساطِ البَيْتِ الحِلْسُ ولِمَخادِّه المَنابِذُ ولمَساوِرِه الحُسْباناتُ ولحُصْرِه الفُحولُ وفي حديث طَلْحةَ هذا ما اشْتَرَى طلحةُ مِن فُلان فَتاه بخَمْسِمائةِ دِرْهم بالحسَبِ والطِّيبِ أَي بالكَرامةِ من المُشْتَرِي والبائع والرَّغْبةِ وطِيبِ النفْسِ منهما وهو من حَسَّبْتُه إِذا أَكْرَمْتَه وقيل من الحُسبانةِ وهي الوِسادة الصغيرةُ وفي حديث سِماكٍ قال شُعْبةُ سمعته يقول ما حَسَّبُوا ضَيْفَهم شيئاً أَي ما أَكْرَمُوه والأَحْسَبُ الذي ابْيَضَّتْ جِلْدَته مِن داءٍ فَفَسَدَتْ شَعَرَته فصار أَحمرَ وأَبيضَ يكون ذلك في الناس والإِبل قال الأَزهري عن الليث وهو الأَبْرَصُ وفي الصحاح الأَحْسَبُ من الناس الذي في شعر رأْسه شُقْرةٌ قال امرؤُ القيس .
أَيا هِندُ لا تنْكِحي بُوهةً ... عَلَيْه عَقِيقَتُه أَحْسَبا .
يَصِفُه باللُّؤْم والشُّحِّ يقول كأَنه لم تُحْلَقْ عَقِيقَتُه في صِغَره حتى شاخَ والبُوهةُ البُومة العَظِيمة تُضْرب مثلاً للرجل الذي لا خيرَ فيه وعَقِيقَتُه شعره الذي يُولد به يقول لا تَتَزَوَّجي مَن هذه صِفَتُه وقيل هو من الإِبل الذي فيه سَوادٌ وحُمْرة أَو بَياض والاسم الحُسْبةُ تقول منه أَحْسَبَ البَعِيرُ إِحْساباً والأَحْسَبُ الأَبرص ابن الأَعرابي الحُسْبَةُ سَوادٌ يَضْرِبُ إِلى الحُمْرةِ والكُهْبةُ صُفرة تَضرِبُ إِلى حمرة والقُهْبةُ سَواد يضرب إِلى الخُضْرة والشهْبةُ سواد وبياض والحُلْبةُ سواد صِرْف والشُّرْبةُ بَياضٌ مُشْرَبٌ بحُمْرةٍ واللُّهْبة بياض ناصعٌ نَقِيٌّ والنُّوبة لَونُ الخِلاسِيِّ وهو الذي أَخَذ من سَواد شيئاً ومن بياض شيئاً كأَنه وُلِدَ [ ص 317 ] من عَرَبيّ وحَبَشِيَّة وقال أَبو زياد الكلابيُّ الأَحْسَبُ من الإِبل الذي فيه سَواد وحُمرة وبَياضٌ والأَكْلَفُ نحوه وقال شمر هو الذي لا لَونَ له الذي يقال فيه أَحْسَبُ كذا وأَحْسَبُ كذا والحَسْبُ والتَّحْسِيبُ دَفْنُ المَيِّتِ وقيل تَكْفِينُه وقيل هو دَفْنُ الميِّتِ في الحجارة وأَنشد غَداةَ ثَوَى في الرَّمْلِ غيرَ مُحَسَّبِ ( 1 ) .
( 1 قوله « في الرمل » هي رواية الأزهري ورواية ابن سيده في الترب ) .
أَي غير مَدْفُون وقيل غير مُكَفَّن ولا مُكَرَّم وقيل غير مُوَسَّدٍ والأَول أَحسن قال الأَزهري لا أَعرف التَّحْسِيبَ بمعنى الدَّفْن في الحجارة ولا بمعنى التَّكْفِين والمعنى في قوله غيرَ مُحَسَّب أَي غير مُوَسَّد وانه لَحَسنُ الحِسْبةِ في الأَمْر أَي حَسَنُ التدبير النَّظَرِ فيه وليس هو من احْتِسابِ الأَجْر وفلان مُحْتَسِبُ البَلَدِ ولا تقل مُحْسِبُه وتَحَسَّب الخبَرَ اسْتَخْبَر عنه حجازِيَّةٌ قال أَبو سدرة الأَسدي .
ويقال إِنه هُجَيمِيٌّ ويقال إِنه لرجل من بني الهُجَيْمِ .
تَحَسَّب هَوَّاسٌ وأَيْقَنَ أَنَّني ... بها مُفْتَدٍ من واحدٍ لا أُغامِرُهْ .
فقلتُ له فاها لِفِيكَ فإِنَّها ... قَلُوصُ امْرِئٍ قاريكَ ما أَنتَ حاذِرُه .
يقول تَشَمَّمَ هَوَّاسٌ وهو الأَسَدُ ناقتي وظَنَّ أَني أَتركُها له ولا أُقاتِله ومعنى لا أُغامِرُه أَي لا أُخالِطُه بالسيف ومعنى من واحد أَي من حَذَر واحدٍ والهاءُ في فاها تعود على الداهِية أَي أَلزَم اللّهُ فاها لِفيكَ وقوله قاريكَ ما أَنتَ حاذِرُه أَي لا قِرى لك عندي إِلا السَّيفُ واحْتَسَبْتُ فلاناً اختبرْتُ ما عنده والنِّساءُ يَحْتَسِبْنَ ما عِندَ الرِّجال لهن أَي يَخْتَبِرْنَ أَبو عبيد ذهب فلان يَتَحَسَّبُ الأَخْبارَ أَي يَتَجَسَّسُها بالجيم ويَتَحَسَّسُها ويَطْلُبها تَحَسُّباً وفي حديث الأَذان أَنهم كانوا يجتمعون فيَتَحَسَّبُون الصَلاةَ فَيَجِيئُون بلا داعٍ أَي يَتَعَرَّفُون ويَتَطَلَّبُون وَقْتَها ويَتَوَقَّعُونه فيَأْتُون المَسْجد قبل أَن يَسْمَعُوا الأَذان والمشهور في الرواية يَتَحَيَّنُون من الحِينِ الوَقْتِ أَي يَطْلُبون حِينَها وفي حديث بعْضِ الغَزَواتِ أَنهم كانوا يَتَحَسَّبُونَ الأَخْبار أَي يَتَطلَّبُونها واحْتَسَبَ فلان على فلان أَنكر عليه قَبِيحَ عمله وقد سَمَّتْ ( أَي العربُ ) حَسِيباً وحُسَيْباً