فإن قيل إنما تعد الأجيال من الجيل المعذب قلنا هذا خلاف نص توراتهم لأن نصها الجيل الرابع من الأبناء وأيضا فإنه لم يعذب أحد من أولاد يعقوب بل كانوا مبرورين وهم الجيل الثالث بنص توراتهم حرفا حرفا على ما نورد بعد هذا إن شاء الله تعالى فإنما ابتدأ التعذيب في أبناء يعقوب وهم الداخلون مع آبائهم وهم الجيل الرابع فعد من حيث شئت لست تخرج من شرك الكذب الفاضح وفي هذا كفاية والكذبة الثانية طامة من الطامات وهي قوله لإبراهيم إن نسلك سيكون غريبا في بلد ليس له ويستعبدونهم ويعذبونهم أربعمائة سنة وبعد ذلك يخرجون فهذه سوءة وعار الدهر لأنه إذا عذب الأربعمائة سنة من وقت بدأ بتعذيب بني إسرائيل بمصر فإنما ذلك بعد موت يوسف عليه السلام إلى أن خرج بهم موسى عليه السلام نصا إذ في سياق توراتهم ولما مات يوسف وجمع اخوته وذلك الجيل كله كثر بنو إسرائيل وتكاثروا وتفووا فملكوا الأرض وولى عند ذلك بمصر ملك جديد لم يعرف يوسف فقال لأهل مملكته إن بني إسرائيل قد كثروا وصاروا أقوى منا فأذلوهم بيننا لئلا يزدادوا كثرة ويكونوا عونا لمن رام محاورتنا فقدم عليهم أصحاب صناعته لسخرتهم هذا نص تورتهم شاهدة بما قلنا وقد ذكر في توراتهم إذ ذكر من دخل مع يعقوب من ولده وولد وولد أن قاهاث بن لاوي بن يعقوب والد عمران بن قاهاث وهو جد موسى عليه السلام وكان ممن ولد بالشام ودخل مصر مع أبيه لاوي وجده يعقوب وذكر فيها أيضا أن جميع عمر قاهاث المذكور ابن لاوي كان مائة سنة وثلاثا وثلاثين سنة وأن جميع عمر عمران بن قاهاث المذكور كان مائة سنة وسبعا وثلاثين سنة وذكر فيها نصا أن موسى عليه السلام كان إذ خرج ببني إسرائيل من مصر ابن ثمانين سنة هذا كله نص توراتهم حرفا بحرف بإجماع منهم أولهم عن آخرهم فهبك أن قاهاث كان إذ دخلها ابن أقل من شهر وأن عمران ولد له سنة موته وأن موسى ولد لعمران سنة موته فالمجتمع من هذا العدد كله ثلاثمائة سنة وخمسون سنة وهذه كانت مدتهم بمصر من يوم دخولها إلى أن خرجوا عنها على هذا الحساب فأين الأربعمائة سنة فكيف ولا بد أن يسقط سن قاهاث إذ دخل مصر مع أبيه لاوى المدة التي كانت من ولادة عمران لقاهاث إلى موت قاهاث والمدة التي كانت من ولادة موسى عليه السلام إلى موت ابنه عمران وفي كتب اليهود أن قاهاث دخل مصر وله ثلاث سنين وأنه كان إذ ولد له عمران ابن ستين سنة وأن عمران كان إذ ولد له موسى عليه السلام ابن ثمانين سنة فعلى هذا لم يكن بقاء بني إسرائيل بمصر مذ دخلوها مع يعقوب إلى أن خرجوا منها مع موسى إلا مائتي عام وسبعة عشر عاما فأين الأربعمائة عام فكيف ولا بد أن يسقط من هذا العدد الأخير مدة حياة يوسف مذ دخل اخوته وأبوهم وبنوهم مصر إلى أن مات يوسف عليه السلام فطول هذا الأمد لم يكونوا مستخدمين ولا معذبين ولا مستعبدين بل كانوا أعزاء مكرمين وفي نص توراتهم أن يوسف عليه السلام كان إذ دخل على فرعون ابن ثلاثين سنة ثم كانت سنو الخطب سبع سنين وبدأت سنو الجوع ودخله يعقوب ونسله مصر بعد سنتين من سني الجوع فليوسف حينئذ تسع وثلاثون سنة وفي نص توراتهم أن يوسف كان إذ مات ابن مائة سنة وعشر سنين فصح أن مدتهم مذ دخلوا مصر إلى أن مات يوسف عليه