بفرق إلا أتوكم بمثله ولا تدعوا عليهم دعوى إلا أدعوا عليكم بمثلها ولا أن تطعنوا في نقلهم بشيء إلا أروكم في نقلكم مثله سواء بسواء وقد نبه الله تعالى على هذا البرهان بقوله تعالى ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم والهنا والهكم واحد فنص تعالى على أن طريق الإيمان بما آمنوا به من النبوة وطريق ما آمنا به نحن فما واحد وأنه لا فرق بين شيء من ذلك وأن الإيمان بالآله الباعث لموسى هو الإيمان الباعث لمحمد صلى الله عليهما وسلم .
وأن طريق كل لك طريق واحدة لا فرق فيها وبالله التوفيق وأما شغب من شغب منهم بأننا نؤمن بموسى وهم لا يؤمنون بمحمد A فهو شغب ضعيف بارد لأنهم لا يخلون من أن يكونوا إنما صدقوا بنبوة موسى من أجل تصديقنا نحن ولولا ذلك لم يصدقوا به ويكون إنما صدقوا به لما أظهر من البرهان فقط فإن كانوا إنما صدقوا به من أجل تصديقنا نحن فواجب عليهم أن يصدقوا بمحمد A من أجل تصديقنا نحن به وإلا فقد تناقضوا وإن كان إنما صدقوا به لما أظهر من الآيات فلا معنى لتصديق من صدقه ولا لتكذيب من كذبه والحق حق صدقه الناس أو كذبوه والباطل باطل صدقه الناس أم كذبوه ولا يزيد الحق درجة في أنه حق أطباق النس كلهم على تصديقه ولا يزيد الباطل مرتبة في أنه باطل تكذيب الناس كلهم له ولا يظن ظان أننا في مناظرتنا من نناظره من أهل ملتنا المخالفين لنا في بعض أقوالنا بالإجماع وقد نقضنا كلامنا في هذا المكان فليعلم أننا لم ننقضه لأن الإجماع حجة قد قام البرهان على صحتها في الفتيا في دين الإسلام وما قام على صحته البرهان فهو حجة قاطعة على من خالفه وعلى من وافقه وأما أن نحتج على مخالفنا بأنه موافق لنا في بعض ما نختلف فيه فليس حجة علينا فإن وجد لنا يوما من الأيام فإنما نخاطب به جاهلا نستكف تخليطه بذلك أو نبكته لنريه تناقضه فقط و أيضا فإنا إنما آمنا بنبوة موسى الذي أنذر بنبوة محمد A وبالتوراة التي فيها الإنذار برسالة محمد A باسمه ونسبه وصفة أصحابه Bهم وهكذا نقول في عيسى والإنجيل حرفا حرفا لا بنبوة من لم ينذر النبي A ولا نؤمن بموسى وعيسى ولا نؤمن بتوراة ولا إنجيل ليس فيهما الإنذار برسالة محمد A وصفة أصحابه بل نكفر بكل ذلك ونبرأ منهم فلم نوافقهم قط على ما يدعونه فبطل شغبهم الضعيف وبالله تعالى التوفيق وجملة القول في هذا أن نقل اليهود والنصارى فاسد لما ذكرنا ونذكر إن شاء الله تعالى من عظيم الداخلة في كتبهم المبينة أنها مفتعلة وفساد نقلهم فإنما صدقنا بنبوة موسى وعيسى عليهما السلام لأن محمدا A صدقهما وأخبرنا عنهما وعن أعلامهما ولولا ذلك لما صدقنا بهما ولما كانا عندنا بمنزلة الياس واليسع ويونس ولوط في ذلك .
كما أننا لا نقطع بصحة نبوة سموال وحقاي وحقوق وسائر الأنبياء الذين عندهم كموسى وسائر من ذكرنا ولا فرق ولكن نقول آمنا بالله وكتبه ورسله فإن كان المذكورون أنبياء فنحن نؤمن بهم وإن لم يكونوا أنبياء فلا ندخل في أنبياء الله تعالى من ليس منهم بإخبار اليهود و النصارى الكاذبة التي لا أصل لها الراجعة إلى قوم كفار كاذبين وبالله