كان يزيد فضلا على رسول الله A .
قال أبو محمد وهذه الأقوال كفر مجرد لا تردد فيه وحاشا لله تعالى من أن يكون أحد عمر عمر الدهر يلحق فضل صاحب فكيف فضل رسول الله A أو نبي من الأنبياء عليهم السلام فكيف أن يكون أفضل من رسول الله A هذا مالا تقبله نفس مسلم كأنهم ما سمعوا قول الله D لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وقول النبي A دعوا لي أصحابي فلو كان لأحدكم مثل أحد ذهبا فأنفقه في سبيل الله ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه .
قال أبو محمد فكيف يلحق أبدا من أن تصدق وهو بمثل جبل أحد ذهبا وتصدق الصاحب بنصف مد من شعير كان نصف مد الشعير لا يلحقه في الفضل جبل الذهب فكيف برسول الله A قال أهل الحق أن الملائكة أفضل من كل خلق خلقه الله تعالى ثم بعدهم الرسل من النبيين عليهم السلام ثم بعدهم الأنبياء غير الرسل عليهم السلام ثم أصحاب رسول الله A على ما رتبنا قبل .
قال أبو محمد ومن صحب رسول الله A من الجن له من الفضل ما لسائر الصحابة بعموم قوله A دعوا لي أصحابي وأفضل الرسل محمد A أما فضل الملائكة على الرسل من غير الملائكة فلبراهين منها قول الله D أمر الرسول A أن يقول قل لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول اني ملك أن أتبع إلا ما يوحى إلي فلو كان الرسول أرفع من الملك أو مثله ما أمر الله تعالى رسوله A أن يقول لهم هذا القول الذي إنما قاله منحطا عن الترفع بأن يظن أنه عنده خزائن الله أو أنه يعلم الغيب أو أنه ملك منزل لنفسه المقدسة في مرتبته التي هي دون هذه المراتب بلا شك إذ لا يمكن البتة أن يقول هذا عن مراتب هو أرفع منها وأيضا فإن الله D ذكر محمدا الذي هو أفضل الرسل بعد الملائكة وذكر جبريل عليهما السلام وكان من التباين من الله D بينهما تباينا بعيدا وهو أنه D قال إنه لقول رسول كريم ذي قوة عند ذي العرش مكين مطاع ثم أمين فهذه صفة جبريل عليهم السلام ثم ذكر محمدا A فقال وما صاحبكم بمجنون ثم زاد تعالى بيانا رافعا للإشكال جملة فقال ولقد رآه بالأفق المبين فعظم الله تعالى من شأن أكرم الأنبياء والرسل بأن رأى جبريل عليه السلام ثم قال ولقد رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى عندها جنة المأوى إذ يغشى السدرة ما يغشى ما زاغ البصر وما طغى لقد رأى من آيات ربه الكبرى فامتن الله تعالى كما ترى على محمد A بأن أراه جبريل مرتين وإنما يتفاضل الناس كما قدمنا بوجهين فقط أحدهما الاختصاص المجرد وأعظم الاختصاص الرسالة والتعظيم فقد حصل ذلك للملائكة قال تعالى جاعل الملائكة رسلا فهم كلهم رسل الله اختصهم تعالى بأن ابتدأهم في الجنة وحوالي عرشه في المكان الذي وعد رسله ومن اتبعهم بأن نهاية كرامتهم مصيرهم إليه وهو موضع خلق الملائكة ومحلهم بلا نهاية مذ خلقوا وذكرهم D في غير موضع من كتابه فأثنى على جميعهم ووصفهم بأنهم لا يفترون ولا يسأمون ولا يعصون الله فنفى عنهم الزلل والفترة الساقة والسهو وهذا أمر لم ينفه D عن الرسل صلوات الله عليهم بل السهو جائز عليهم وبالضرورة نعلم من عصم من السهو أفضل ممن لم يعصم منه وأن من عصم من العمد كالأنبياء عليهم السلام أفضل ممن لم يعصم ممن سواهم فإن اعترض معترض بقول الله D الله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس قيل له ليس هذا معارضا لقوله تعالى جاعل الملائكة رسلا فإن كل آية فإنما لم تحمل على مقتضاها وموجب لفظها ففي هذه الآية أن بعض الملائكة رسل وهذا حق لا شك فيه وليس إخبارا عن سائرهم بشيء لا بأنهم رسل ولا بأنهم ليسوا رسلا فلا يحل لأحد أن يزيد في الآية ما ليس فيها ثم في الآية الأخرى زيادة على ما في هذه الآية والأخبار بأن جميع الملائكة