قال أبو محمد أما الخوارج فقد أوضحنا خطأهم وخطأ أسلافهم فيما سلف من كتابنا هذا حاشا احتجاجهم بإنكار تحكيم على الحكمين فسنتكلم في ذلك إن شاء الله تعالى كما تكلمنا في سائر أحكامهم والحمد له رب العالمين وأما من وقف فلا حجة له أكثر من أنه لم يتبين له الحق ومن لم يتبين له الحق فلا سبيل إلى مناطرته بأكثر من ان نبين له وجه الحق حتى يراه وذكروا أيضا أحاديث في ترك القتال في الإختلاف سنذكر لكم جملتها إن شاء الله تعالى فلم يبق إلا الطائفة المصوبة لعلي في جميع حروبه والطائفة المصوبة لمن حاربه من أهل الجمل وأهل صفين .
قال أبو محمد احتج من ذهب إلى تصويب محاربي علي يوم الجمل ويوم صفين بأن قال إن عثمان Bه قتل مظلوما فالطلب بأخذ القود من قاتليه فرض قال D ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا وقال تعالى وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان قالوا ومن آوى الظالمين فهو إما مشارك لهم وإما ضعيف عن أخذ الحق منهم قالوا وكلا الأمرين حجة في إسقاط إمامته على من فعل ذلك ووجوب حربه قالوا وما أنكروا على عثمان إلا أقل من هذا من جواز إنفاذ أشياء بغير علمه فقد ينفذ مثلها سر أو لا يعلمها أحد إلا بعد ظهورها قالوا وحتى لو أن كل ما أنكر على عثمان أن يصح ما حل بذلك قتله بلا خلاف من أحد من أهل الإسلام لأنهم إنما أنكروا عليه استئثار بشيء يسير من فضلات الأموال لم يجب لأحد بعينه فمنعها وتولية أقاربه فلما شكوا اليه عزلهم وأقام الحد على من استحقه وأنه صرف الحكم بن أبي العاص إلى المدينة ونفى رسول الله A للحكم لم يكن حدا واجبا ولا شريعة على التأييد وإنما كان عقوبة على ذنب استحق به النفي والتوبة مبسوطة فإذا تاب سقطت عنه تلك العقوبة بلا خلاف من أحد من أهل الإسلام وصارت الأرض كلها مباحة وأنه ضرب عمارا خمسة أسواط ونفي أبا ذر إلى الربذة وهذا كله لا يبيح الدم قالوا وإيواء على المحدثين أعظم الأحداث من سفك الدم الحرام في حرم رسول الله A لا سيما دم الإمام وصاحب رسول الله A أعظم والمنع من إنفاذ الحق عليهم أشد من كل ما ذكرنا بلا شك قالوا وامتناع معاوية من بيعة علي كإمتناع علي من بيعة أبي بكر فما حاربه أبو بكر ولا أكرهه وأبو بكر أقدر على علي من علي على معاوية ومعاوية في تأخيره عن بيعة علي أعذر وأفسح مقالا من علي في تأخيره عن بيعة أبي بكر لأن عليا لم يمتنع من بيعة أبي بكر أحد من المسلمين غيره بعد أن بايعه الأنصار والزبير وأما بيعة علي فإن جمهور الصحابة تأخروا عنها أما عليه وأما لا له ولا عليه وما تابعه فيهم إلا الأقل سوى أزيد من مائة ألف مسلم بالشام والعراق ومصر والحجاز كلهم امتنع من بيعته فهل معاوية إلا كواحد من هؤلاء في ذلك وأيضا فإن بيعة علي لم تكن على عهد من النبي A كما كانت بيعة أبي بكر ولا عن إجماع من الأمة كما كانت بيعة عثمان ولا عن عهد من خليفة واجب الطاعة كما كانت بيعة عمر ولا بسوق بائن 1 في الفضل على غيره لا يختلف فيه أحد ولا عن شورى فالقا عدون عنها بلا شك ومعاوية من جملتهم أعذر من علي في قعوده عن بيعة أبي بكر ستة أشهر حتى رأى البصيرة وراجع الحق عليه في ذلك قالوا فإن قلتم خفي على علي نص رسول الله A على أبي بكر قلنا لكم لم يخف عليه بلا شك تقديم رسول الله A أبا بكر إلى الصلاة وأمره عليا بأن يصلي وراءه في جماعة المسلمين فتأخر عن بيعة