وعلى طلحة والزبير ولقد خاب من خالف كلام الله تعالى وقضاء رسول الله A .
قال أبو محمد وكذلك القليل من الجهاد والصدقة في زمان الشدائد أفضل من كثيرهما في وقت القوة والسعة وكذلك صدقة المرء بدرهم في زمان فقر وصحته يرجو الحياة ويخاف الفقر أفضل من الكبير يتصدق به في عرض غناه وفيه وصيته بعد موته وقد صح عن رسول الله A سبق درهم مائة ألف وهو إنسان كان له درهمان تصدق بأحدهما والآخر عمد إلى عرض ماله تصدق منه بمائة ألف وكلك صبر المرء على أداء الفرائض في حال خوفه ومرضه وقليل تنفله في زمان مرضه وخوفه أفضل من عمله وكثير تنفله في زمان صحته وأمنه ففضل من ذكرنا غيرهم بزمان عملهم وكذلك من وفق لعمل الخير في زمان آخر أجله هو أفضل ممن خلط في زمان آخر أحله وأما المكان فكصلاة في المسجد الحرام أو مسجد المدينة فهما أفضل من ألف صلاة فيما عداهما وتفضل الصلاة في المسجد الحرام على الصلاة في مسجد رسول الله A بمائة درجة وكصيام في بلد العدو أو في الجهاد على صيام في غير الجهاد ففضل من عمل في المكان الفاضل غيره ممن عمل في غير ذلك المكان بمكان عمله وأن تساوى العملان وأما الإضافة فركعة من نبي أو ركعة مع نبي أو صدقة من نبي أو صدقة معه أو ذكر منه أو ذكر معه وسائر أعمال البر منه أو معه فقليل من ذلك أفضل من كثير الأعمال بعده ويبين ذلك ما قد ذكرنا آنفا من قول الله D لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل وإخباره عليه السلام أن أحدنا لو أنفق مثل أحد ذهبا ما بلغ نصف مد من أحد من الصحابة Bهم .
قال أبو محمد وبهذا قطعنا على أن كل عمل عملوه بأنفسهم بعد موت النبي A لا يوازي شيئا من البر عمله ذلك الصاحب بنفسه مع النبي A ولا ما عمله غير ذلك الصاحب بعد النبي A ولو كان غير ما نقول لجاز أن يكون أنس وأبو أمامة الباهلي وعبد الله بن أبي أوفى وعبد الله بن بسر وعبد الله بن الحارث بن حزم وسهل بن سعد الساعدي Bهم أفضل من أبي بكر وعمر وعثمان وأبي عبيدة وزيد بن حارثة وجعفر بن أبي طالب ومصعب بن عمير وعبد الله بن جحش وسعد بن معاذ وعثمان بن مظعون وسائر السابقين من المهاجرين والأنصار المتقدمين Bهم أجمعين لأن بعض أولئك عبدوا الله D بعد موت أولئك بعضهم بعد موت بعض بتسعين عاما فما بين ذلك إلى خمسين عاما وهذا مالا يقوله أحد يعتد به .
قال أبو محمد وبهذا قطعنا على أن من كان من الصحابة حين موت رسول الله A أفضل من آخر منهم فإن ذلك المفضول لا يلحق درجة الفاضل له حينئذ أبدا وأن طال عمر المفضول وتعجل موت الفاضل وبهذا أيضا لم نقطع على فضل أحد منهم Bهم حاشا من ورد فيه النص من النبي A ممن مات منهم في حياة النبي A بل نقف في هؤلاء على ما نبينه بعد هذا إن شاء الله تعالى .
قال أبو محمد فهذه وجوه الفضائل بالأعمال التي لا يفضل ذو عمل ذا عمل فيما سواها البتة ثم نتيجة هذه الوجوه كلها وثمرتها ونتيجة فضل الإختصاص المجرد دون عمل أيضا لا ثالث لهما البتة أحدهما إيجاب لاله تعالى تعظيم الفاضل في الدنيا على المفضول فهذا الوجه يشترك فيه كل فاضل بعمل أو إختصاص مجرد بلا عمل من عرض أو جماد أو حي ناطق أو غير ناطق