قال أبو محمد وهذا هو خطأ متيقن لبرهانين أحدهما أنه لا يمكن أن يعرف الأفضل إلا بالظن في ظاهر أمره وقد قال تعالى إن الظن لا يغني من الحق شيئا والثاني أن قريشا قد كثرت وطبقت الأرض من أقصى المشرق إلى أقصى المغرب ومن الجنوب إلى الشمال ولا سبيل أن يعرف الأفضل من قوم هذا مبلغ عددهم بوجه من الوجوه ولا يمكن ذلك أصلا ثم يكفي من بطلان هذا القول إجماع الأمة على بطلانه فإن جميع من أدرك من الصحابة Bه من جميع المسلمين في ذلك العصر قد أجمعوا على صحة إمامة الحسن أو معاوية وقد كان في الناس أفضل منهم بلا شك كسعد بن أبي وقاص وسعيد بن زيد وابن عمرو وغيرهم فلو كان ما قاله الباقلاني حقا لكانت إمامة الحسن ومعاوية باطله وحاشا لله D من ذلك وأيضا فإن هذا القول الذي قاله هذا المذكور دعوى فاسدة ولا على صحتها دليل لا من قرآن ولا من سنة صحيحة ولا سقيمة ولا من قول صاحب ولا من قياس والعجب كله أن يقول أنه جائز أن يكون في هذه الأمة من هو أفضل من رسول الله A من حيث بعث إلى أن مات ثم لا يجيز أن يكون أحد أفضل من الإمام .
قال أبو محمد وهذا القول منه في النبي A كفر مجرد ولا خفاء به وفيه خلاف لأهل الإسلام وإنما يجب أن يكون الإمام قرشيا بالغا ذكرا مميزا بريئا من المعاصي الظاهرة حاكما بالقرآن والسنة فقط ولا يجوز خلعه ما دام يمكن منعه من الظلم فإن لم يمكن إلا بإزالته ففرض أن يقام كل ما يوصل به إلى دفع الظلم لقول الله تعالى وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان وبالله تعالى التوفيق .
الكلام في وجوه الفضل والمفاضلة بين الصحابة .
قال أبو محمد اختلف المسلمون فيمن هو أفضل الناس بعد الأنبياء عليهم السلام فذهب بعض أهل السنة وبعض أهل المعتزلة وبعض المرجئة وجميع الشيعة إلى أن أفضل الأمة بعد رسول الله A علي بن أبي طالب وقد روينا هذا القول نصا عن بعض الصحابة Bهم وعن جماعة من التابعين والفقهاء وذهبت الخوارج كلها وبعض أهل السنة وبعض المعتزلة وبعض المرجئة إلى أن أفضل الصحابة بعد رسول الله A أبو بكر وعمر وروينا عن أبي هريرة Bه أن أفضل الناس بعد رسول الله A جعفر بن أبي طالب وبهذا قال عاصم النبيل وهو الضحاك بن مخلد وعيسى بن حاضر قال عيسى وبعد جعفر حمزة Bه وروينا عن نحو عشرين من الصحابة أن أكرم الناس على رسول الله A علي بن أبي طالب والزبير بن العوام وروينا عن أم المؤمنين عائشة Bها مات رسول الله A وثلاث رجال لا يعد أحد عليهم بفضل سعد بن معاذ وأسيد بن حضير وعباد بن بشر وروينا عن أم سلمة أم المؤمنين Bها أنها تذكرت الفضل ومن هو خير فقالت ومن هو خير من أبي سلمة أول بيت هاجر إلى رسول الله A وروينا عن مسروق بن الأجدع أو تميم بن حذلم وإبراهيم النخعي وغيرهم أنأفضل الناس بعد رسول الله A عبد الله بن مسعود قال تميم وهو من كبار التابعين رأيت أبا بكر وعمر فلما رأيت مثل عبد الله بن مسعود وروينا عن بعض من أدرك النبي A أن أفضل الناس بعد رسول الله A عمر بن الخطاب وأنه أفضل من أبي بكر Bهما وبلغني عن محمد بن