قال أبو محمد إن الله تعالى إنما يعلم بالأشياء على ما هي عليه لأن من علم الشيء على خلاف ما هو عليه فهو جاهل به مخطئ في اعتقاده ظان للباطل وليس علما ولا حقا ولا عالم به وهذا ما لا شك فيه وعلم الله D هو الحق اليقين على ما هي عليه فكل ما كان ذا نهاية فهو في علم الله تعالى ذو نهاية ولا سبيل إلى غير هذا البتة وليس للجنة والنار مدد غير متناهية محاط بها وإنما لهما مدد كل ما خرج منها إلى الفعل فهو محصي محاط بعدده وما لم يخرج إلى الفعل فليس بمحصي لكن علم الله تعالى أحاط أنه لا نهاية لهما وأما قوله كما لا يجوز أن يوجد شيء غير الله تعالى لا نهاية له لم يزل فإن هذه القضية فاسدة وقياس فاسد لا يصح والفرق بينهما أن أشياء ذوات عدد لا أول لها ولم تزل لا يمكن أن نتوهم البتة ولا يشكك بل هي محال في الوجود كما ذكرنا في الرد على من قال بأن العالم لم يزل فأغنى عن إعادته وليس كذلك قولنا لا يزال لأن أحداث الله تعالى بعد شيء أبدا بلا غاية متوهم ممكن لا حوالة فيه فقياس الممكن المتوهم على الممتنع المستحيل الذي لا يتوهم باطل عند القائلين بالقياس فكيف عند من لا يقول به فإن قال قائل أن كل ما له أول فله آخر هذه قضية فاسدة ودعوى مجردة وما وجب هذا قط لا بقضية عقل ولا بخبر لأن كون الموجودات لها أوائل معلوم بالضرورة لأن ما وجد بعد فقد حصره عدد زمان وجوده وكل ما حصره عدد فلذلك العدد أول ضرورة وهو قولنا واحد ثم يتمادى العدد أبدا فيمكن الزيادة بلا نهاية وتمادي ا لموجود بخلاف المبدأ لأنه إذا أبقى وقتا جاز أن يبقى وقتين وهكذا أبدا بلا نهاية وكل ما خرج من مدد البقاء إلى حد الفعل فذو نهاية بلا شك كذلك من العدد أيضا ولم نقل أن بقاء الناس في هذه الدنيا له نهاية إلا من طريق النص ولو أخبر الله تعالى بذلك لأمكن وجاز أن تبقى الدنيا أبدا بلا نهاية ولكن الله تعالى قادرا على ذلك ولكن النص لا يحل خلافه وكذلك لو لا إخبار الله تعالى لحل احتارمها وبالله تعالى التوفيق .
قال أبو محمد والبرهان على بقاء الجنة والنار بلا نهاية قول الله تعالى خالدين فيها ما دامت السموات والأرض إلا ما شاء ربك عطاء غير مجذوذ وقوله تعالى في غير موضع من القرآن خالدين فيها أبدا وقوله تعالى لا يذقون فيها الموت إلا الموتة الأولى مع صحة الإجماع بذلك وبالله تعالى التوفيق .
قال أبو محمد وروينا عن عبد الله بن عمرو بن العاص لو أقام أهل النار في النار ما شاء الله أن يبقوا لكان لهم على ذلك يوم يخرجون فيه منها .
قال أبو محمد وهذا إنما هو في أهل الإسلام الداخلين في النار بكبائرهم ثم يخرجون منهم بالشفاعة ويبقى ذلك المكان خاليا ولا يحل لأحد أن يظن في الصالحين الفاضلين خلاف القرآن وحاشا لهما من ذلك وبالله تعالى التوفيق ثم كتاب الإيمان والوعيد وتوابعه بحمد الله وشكره على حسن تأييده وعونه وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم