عصفور من عصافير الجنة فقال لها عليه السلام وما يدريك يا عائشة أن الله خلق خلقا للنار وهم في أصلاب آبائهم .
قال أبو محمد وهذان الخبران لا حجة لهم في شيء منهما إلا أنهما إنما قالهما رسول الله A قبل أن يوحي إليه أنهم في الجنة وقد قال تعالى آمرا لرسوله A أن يقول وما أدري ما يفعل بي ولا بكم قبل ان يخبره الله D بأنه قد غفر له الله ما تقدم من ذنبه وما تأخر وكما قال رسول الله A عن عثمان بن مظعون Bه وما أدري وأنا رسول الله ما يفعل بي وكان هذا قبل أن يخبره الله D بأنه لا يدخل النار من شهد بدرا وهو عليه السلام لا يقول إلا ما جاء به الوحي كما أمر الله D أن يقول إن أتبع إلا ما يوحى إلى فحكم كل شيء من الدين لم يأت به الوحي أن يتوقف فيه المرء فإذا جاء للبيان فلا يحل التوقف عن القول بما جاء به النص وقد صح الإجماع على أن ما عملت الأطفال قبل بلوغها من قتل أو وطئ أجنبية أو شرب خمر أو قذف أو تعطيل صلاة أو صوم فإنهم غير مؤاخذين في الآخرة بشيء من ذلك ما لم يبلغوا وكذلك لا خلاف في أنه لا يؤاخذ الله D أخذا بما لم يفعله بل قد صح عن رسول الله A أن من هم بسيئة فلم يعملها لم تكتب عليه فمن المحال المنفي أن يكون الله D يؤاخذ الأطفال بما لم يعملوا مما لو عاشوا بعده لعملوه وهم لا يؤاخذهم بما عملوا ولا يختلف اثنان في أن إنسانا بالغامات ولو عاش لزنا أنه لا يؤاخذ بالزنا الذي لم يعمله وقد كذب الله D من ظن هذا بقوله الصادق اليوم تجزى كل نفس ما عملت وبقوله تعالى هل تجزون إلا ما كنتم تعملون فصح أنه لا يجزي أحد بما لم يعمل ولا مما لم يسن فصح أن قول رسول الله A أعلم بما كانوا عاملين ليس فيه أنهم كفار ولا أنهم في النار ولا أنهم مؤاخذين بما لو عاشوا لكانوا عاملين به مما لم يعملوه بعد وفي هذا اختلفنا لا فيما عداه وإنما فيه أن الله تعالى يعلم ما لم يكن وما لا يكون لو كان كيف كان يكون فقط ونعم هذا حق لا يشك فيه مسلم فبطل أن يكون لأهل التوقف حجة في شيء من هذين الخبرين إذ لم يصح عن رسول الله A في هذه المسألة بيان وأما من قال أنهم يعذبون بعذاب آبائهم فباطل لأن الله تعالى يقول ولا تكسب كل نفس إلا عليها ولا تزر وازرة وزر أخرى وأما من قال أنهم توقد لهم نار فباطل لأن الأثر الذي فيه هذه القصة إنما جاء في المجانين وفيمن لا يبلغه ذكر الإسلام من البالغين على ما نذكر بعد هذا إن شاء الله تعالى .
قال أبو محمد فلما بطلت هذه الأقاويل كلها أوجب النظر فيما صح من النصوص من حكم هذه المسألة ففعلنا فوجدنا الله تعالى قد قال فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم وقال D قولوا آمنا بالله وما أنزل