والشفاعة الثانية في إخراج أهل الكبائر من النار طبقة طبقية على ما صح في ذلك الخبر وأما قول الله تعالى قل لا أملك لكم ضرا ولا رشدا ولا تملك نفس لنفس شيئا فما خالفناهم في هذا أصلا وليس هذا من الشفاعة في شيء فنعم لا يملك لأحد نفعا ولا ضرا ولا رشدا ولا هدى وإنما الشفاعة رغبة إلى الله تعالى وضراعة ودعاء وقال بعض منكري الشفاعة أن الشفاعة ليس إلا في المحسنين فقط واحتجوا بقوله تعالى ولا يشفعون إلا لمن ارتضى .
قال أبو محمد وهذا لا حجة لهم فيه لأن من أذن الله في إخراجه من النار وأدخله الجنة وأذن للشافع في الشفاعة له في ذلك فقد ارتضاه وهذا حق وفضل لله تعالى على من قد غفر له ذنوبه بأن رجحت حسناته على كبائره أو بأن لم تكن له كبيرة أو بأن تاب عنها فهو مغن له عن شفاعة كل شافع فقد حصلت له الرحمة والفوز من الله تعالى وأمر به إلى الجنة ففيماذا يشفع له وإنما الفقير إلى الشفاعة من غلبت كبائره حسناته فأدخل النار ولم يأذن تعالى بإخراجه منها إلا بالشفاعة وكذلك الخلق في كونهم في الموقف هم أيضا في مقام شنيع فهم أيضا محتاجون إلى الشفاعة وبالله تعالى التوفيق وبما صحت الأخبار من ذلك نقول .
وأما الميزان فقد أنكروه قوم فخالفوا كلام الله تعالى جرأة واقداما وتنطع آخرون فقالوا هو ميزان بكفتين من ذهب وهذا إقدام آخر لا يحل قال الله D وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم .
قال أبو محمد وأمور الأخرة لا تعلم إلا بما جاء في القرآن أو بما جاء عن رسول الله A ولم يأت عنه عليه والسلام شيء يصح في صفة الميزان ولو صح عنه عليه السلام في ذلك شيء لقلناه به فإذ لا يصح عليه السلام في ذلك شيء فلا يحل لأحد أن يقول على الله D ما لم يخبرنا به لكن نقول كما قال الله D ونضع الموازين القسط ليوم القيامة إلى قوله وكفى بنا حاسبين وقال تعالى والوزن يومئذ الحق وقال تعالى فأما من ثقلت موازينه فهو في عيشة راضية واما من خفت موازينه فأمه هاوية فنقطع على الموازين أن توضع يوم القيامة لوزن أعمال العباد قال تعالى عن الكفارة فلا نقيم لهم يوم القيمة وزنا وليس هذا على أن لا توزن أعمالهم بل توزن لكن أعمالهم شائلة وموازينهم خفاف قد نص الله تعالى على ذلك إ يقول ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنم خالدون إلى قوله فكنتم بها تكذبون فأخبر D أن هؤلاء المكذبين بآياته خفت موازينهم والمكذبون بآيات الله D كفار بلا شك ونقطع على أن تلك الموازين أشياء يبين الله D بها لعباده مقادير أعمالهم من خير أو شر من مقدار الذرة التي لا تحس وزنها في موازيننا أصلا فما زاد ولا ندري كيف تلك الموازين إلا أننا ندري أنها بخلاف موازين الدنيا وأن ميزان من تصدق بدينار أو بلؤلؤة أثقل ممن تصدق بكذانة