قوله تعالى يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول فاتقوا الله واصلحوا ذات بينكم وقوله تعالى في هذه السورة نفسها النازلة في هذا المعنى يجادلونك في الحق بعدما تبين كانما يساقون إلى الموت وهم ينظرون وقوله تعالى قبل ذكره الوعيد بالعذاب الذي احتج به من خالفنا تريدون عرض الدينا والله يريد الآخرة فهذا نص القرآن وقد رد الله D الامر في الأنفال المأخوذة يومئذ إلى رسول الله A وأما الخبر المذكور الذي فيه لقد عرض علي عذابكم أدنى من هذه الشجرة ولو نزل عذاب ما نجي منه إلا عمر فهذا خبر لا يصح لأن المنفرد بروايته عكرمة بن عمار اليمامي وهو ممن قد صح عليه وضع الحديث أو سوء الحفظ أو الخطأ الذي لا يجوز معهما الرواية عنه ثم لو صح لكان القول فيه كما قلنا من أنه قصد الخير بذلك وأما قوله عبس وتولى الايات فانه كان عليه السلام قد جلس إليه عظيم من عظماء قريش ورجا اسلامه وعلم عليه السلام أنه لو أسلم لأسلم باسلامه ناس كثير وأظهر الدين وعلم أن هذا الأعمى الذي يسأله عن أشياء من أمور الدين لا يفوته وهو حاضر معه فاشتغل عنه عليه السلام بما خاف فوته من عظيم الخير عما لا يخاف فوته وهذا غاية النظر للدين والاجتهاد في نصرة القرآن في ظاهر الامر ونهاية التقرب إلى الله الذي لو فعله اليوم منا فاعل لأجر فعاتبه الله D على ذلك إذ كان الاولى عند الله تعالى أن يقبل على ذلك الأعمى الفاضل البر التقي وهذا نفس ما قلناه وكما سهى عليه السلام من اثنتين ومن ثلاث وقام من اثنتين ولا سبيل إلى أن يفعل من ذلك شيئا تعمدا أصلا نعم ولا يفعل ذلك تعمدا إنسان منا فيه خير وأما الحديث الذي فيه وأنهن الغرانيق العلى وأن شفاعتها لترتجى فكذب بحت موضوع لأنه لم يصح قط من طريق النقل ولا معنى للاشتغال به إذ وضع الكذب لا يعجز عنه أحد وأما قوله تعالى وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى القى الشيطان في أمنيته فينسخ الله ما يلقى الشيطان الآية فلا حجة لهم فيها لأن الاماني الواقعة في النفس لا معنى لها وقد تمنى النبي A اسلام عمه أبي طالب ولم يرد الله D كون ذلك فهذه الأماني التي ذكرها الله D لا سواها وحاشا لله أن يتمنى نبي معصية وبالله تعالى التوفيق وهذا الذي قلنا هو ظاهر الآية دون مزيد تكلف ولا يحل خلاف الظاهر إلا بظاهر آخر وبالله تعالى التوفيق وأما قوله ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله واذكر ربك إذا نسيت فقد كفى الله D الكلام في ذلك ببيانه في آخر الآية أن ذلك كان نسيانا فعوتب عليه السلام في ذلك وأما قوله تعالى وتخفى في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله احق أن تخشاه فقد أنفنا من ذلك إذ لم يكن فيه معصية أصلا ولا خلاف فيما أمره الله تعالى به وإنما كان اراد زواج مباح له فعله ومباح له تركه ومباح له طيه ومباح له إظهاره وإنما