وهذا أمر لا يضل عنه إلا ضال وهاتان الآيتان حجة قاطعة أيضا على المعتزلة أيضا المسقطة اسم الإيمان عن القاتل وعلى كل من أسقط عن صاحب الكبائر اسم الإيمان وليس لأحد أن يقول أنه تعالى إنما جعلهم أخواننا إذا تابوا لأن نص الآية أنهم إخوان في حال البغي وقبل الفئة إلى الحق .
قال أبو محمد وقال بعضهم أن هذا الإقتتال إنما هو التضارب .
قال أبو محمد وهذا خطأ فاحش لوجهين أحدهما أنه دعوى بلا برهان وتخصيص الآية بلا دليل وما كان هكذا فهو باطل بلا شك والثاني أن ضرب المسلم للمسلم ظلما وبغيا فسق ومعصية ووجه ثالث وهو أن الله تعالى لو لم يرد القتال المعهود لما أمرنا بقتال من لا يزيد على الملاطمة وقد عم تعالى فيها بإسم البغي بكل بغي فهو داخل تحت هذا الحكم .
قال أبو محمد وقد ذكروا قول الله D وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ .
قال أبو محمد فهذه الآية بظاهرها دون تأويل حجة لنا عليهم لأنه ليس فيها أن القاتل العامد ليس مؤمنا وإنما فيها نهي المؤمن عن قتل المؤمن عمدا فقط لأنه تعالى قال وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا وهكذا نقول ليس للمؤمن من قتل المؤمن عمدا ثم قال تعالى إلا خطأ فاستثنى D الخطأ في القتل من جملة ما حرم من قتل المؤمن للمؤمن لأنه لا يجوز النهي عما لا يمكن الإنتهاء عنه ولا يقدر عليه لأن الله تعالى أمننا من أن يكلفنا ما لا طاقة لنا به وكل فعل خطأ فلم ننه عنه بل قال تعالى ليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم فبطل تعلقهم بهذه الآية وكذلك قول رسول الله A لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض فهو أيضا على ظاهره وإنما في هذا اللفظ النهي عن أن يرتدوا بعده إلى الكفر فيقتتلوا في ذلك فقط وليس في هذا اللفظ أن القاتل كافر ولا فيه أيضا النهي عن القتل المجرد أصلا وإنما نهى عنه في نصوص أخر من القرآن والسنن كما ليس في هذا اللفظ أيضا نهي عن الزنا ولا عن السرقة وليس في كل حديث حكم كل شريعة فبطل تعلقهم بهذا الخبر وكذلك قوله عليه السلام سباب المؤمن فسوق وقتاله كفر فهو أيضا على عمومه لأن قوله عليه السلام المسلم هاهنا عموم للجنس ولا خلاف في أن من نابذ جميع المسلمين وقاتلهم لإسلامهم فهو كافر برهان هذا هو ما ذكرنا من قبل من نص القرآن في أن القاتل عمدا والمقاتل مؤمنان وكلامه عليه السلام لا يتعارض ولا يختلف وكذلك قوله عليه السلام لا ترغبوا عن آبائكم فإنه كفر لكم أن ترغبوا عن آبائكم فإنه عليه السلام لم يقل كفر منكم ولم يقل أنه كفر بالله تعالى نعم ونحن نقر أن من رغب عن أبيه فقد كفر بأبيه وجحده ويقال لمن قال أن صاحب الكبير ليس مؤمنا ولكنه كافر أو فاسق ألم يقل الله D ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم وقال تعالى فإن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار لا هن حل لهم لهم ولا هم يحلون لهن وقال تعالى ولا تمسكوا بعصم الكوافر وقال تعالى اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا آتيتموهن أجورهن محصنين غير مسافحين