إن الله قد ذم المعاصي وتوعد عليها قيل لهم فإن المرجئة تقول لكم أن الله تعالى قد حمد الحسنات ووعد عليها وأراد بذلك تغليب الحمد كما أردتم تغليب الذم فإن ذكرتم آيات الوعيد ذكروا آيات الرحمة .
قال أبو محمد وهذا ما لا مخلص للمعتزلة منه ولا للمرجئة أيضا فوضح بهذا أن كلا الطائفتين مخطئة وأن الحق هو جمع كل ما تعلقت به كلتا الطائفتين من النصوص التي في القرآن والسنن ويكفي من هذا كله قول الله D إني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى وقوله تعالى اليوم تجزى كل نفس بما كسبت وقوله تعالى فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره وقال تعالى من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها وقال تعالى ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين فصح بهذا كله أنه لا يخرجه عن إسم الإيمان إلا الكفر ولا يخرجه عن إسم الكفر إلا الإيمان وأن الأعمال حسنها حسن إيمان وقبيحها قبيح ليس إيمانا والموازنة تقضي على كل ذلك ولا يحبط الأعمال إلا الشرك قال تعالى لئن أشركت ليحبطن عملك إذا أقررتم أن أعمال البر كلها إيمانا وأن المعاصي ليست إيمانا فهو عندكم مؤمن غير مؤمن قلنا نعم ولا نكرة في ذلك وهو مؤمن بالعمل الصالح غير مؤمن بالعمل السيء كما نقول محسن بما أحسن فيه مسيء غير محسن معا بما أساء فيه وليس وليس الإيمان عندنا التصديق وحده فيلزمنا التناقض وهذا هو معنى قول النبي A لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن أي ليس مطيعا في زناه ذلك وهو مؤمن بسائر حسناته واحتجوا بقول الله تعالى وكذلك حقت كلمة ربك على الذين فسقوا أنهم لا يؤمنون ففرق تعالى بين الفسق والإيمان .
قال أبو محمد نعم وقد أوضحنا أن الإيمان هو كل عمل صالح فبيقين ندري أن الفسق ليس إيمانا فمن فسق فلم يؤمن بذلك العمل الذي هو الفسق ولم يقل D أنه لا يؤمن في شيء من سائر أعماله وقد قال تعالى إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم قدشهد الله تعالى لهم بالايمان فاذا وقع منهم فسق ليس إيمانا فمن المحال أن يبطل فسقه إيمانه في سائر أعماله وأن يبطل إيمانه في سائر الأعمال فسقه بل شهادة الله تعالى له بالإيمان في جهاده حق وبأنه لم يؤمن في فسقه حق أيضا فإن الله D قال ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون المعتزلة أن يصرحوا بكفر كل عاص وظالم وفاسق لأن كل عامل بالمعصية فلم يحكم بما أنزل الله .
قال أبو محمد وأما نحن فنقول أن كل من كفر فهو فاسق ظالم عاص وليس كل فاسق ظالم عاص كافرا بل يكون مؤمنا وبالله تعالى الوفيق وقد قال تعالى وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم فبعض الظلم مغفور بنص القرآن .
قال أبو محمد وقالوا قد وجب لعن الفساق والظالمين وقال تعالى ألا لعنة الله على الظالمين والمؤمن يجب ولايته والدعاء له بالرحمة وقد لعن رسول الله A السارق ومن