ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون وبالضرورة يدري كل مسلم أن من حبط عمله وبطل فقد سقط حكمه وتأثيره ولم يبق له رسم وكذلك لم نقل أن من أقر بلسانه وحده بالله تعالى وبرسوله A وجحد بقلبه أن أقراره بذلك بلسانه كفر ولا أنه كان به كافرا لكنه كان كافرا بجحده بقلبه لما جحد من ذلك وجحده لذلك هو الكفر وكان إقراره بكل ذلك بلسانه لغوا محبطا كما ذكرنا لا إيمانا ولا كفرا ولا طاعة ولا معصية وبالله تعالى التوفيق فسقط هذا الإيهام الفاسد فإن قال قائل منهم أليس بعض الإيمان إيمانا وبعض الكفر كفرا وأراد أن يلزمنا من هذا أن العقد بالقلب والإقرار باللسان والعمل بالجوارح إذا كان ذلك إيمانا فإبعاضه إذا إنفردت إيمانا أو أن نقول أن أبعاض الإيمان ليست إيمانا فيموه بهذا .
قال أبو محمد فجوابنا وبالله تعالى التوفيق أننا نقول ونصرح أنه ليس بعض الإيمان إيمانا أصلا بل الإيمان متركب من أشياء إذا أجتمعت صارت إيمان كالبلق ليس السواد وحده بلقا ولا البياض وحده بلقا فإذا أجتمعا صارا بلقا وكالباب ليس الخشب وحده بابا ولا المسامير وحدها بابا فإذا إجتمعا على شكل سمي حينئذ بابا وكالصلاة فإن القيام وحده ليس صلاة ولا الركوع وحده صلاة ولا الجلوس وحده صلاة ولا القراءة وحدها صلاة ولا الذكر وحده صلاة ولا إستقبال القبلة وحده صلاة أصلا فإذا إجتمع كل ذلك سمي المجتمع حينئذ صلاة وكذلك الصيام المفترض والمندوب إليه ليس صيام كل ساعة من النهار على إنفرادها صياما فإذا إجتمع صيامها كلها يسمى صياما وقد يقع في اليوم الأكل والجماع والشراب سهوا فلا يمنع ذلك من أن يكون صيامه صحيحا والتسمية لله D كما قدمنا لا لأحد دونه بل من الإيمان شيء إذا إنفردكان كفرا كمن قال مصدقا بقلبه لا إله إلا الله محمد رسول الله فهذا إيمان فلو أفرد لا إله وسكت وسكوت قطع كفر بلا خلاف من أحد ثم نسألهم فنقول لهم فإذا انفرد صيامه أو صلاته دون إيمان أهي طاعة فمن قولهم لا فقد صاروا فيما أرادوا أن يموهوا به علينا من أن أبعاض الطاعات إذا أنفردت لم تكن طاعة بل كانت معصية وإذا اجتمعت كانت طاعة .
قال أبو محمد فإن قالوا إذا كان النطق باللسان عندكم إيمانا فيجب إذا عدم النطق بأن يسكت الإنسان بعد إقراره أن يكون سكوته كفرا فيكون بسكوته كافرا قلنا أن هذا يلزمنا عندكم فما تقولون إن سألكم أصحاب محمد بن كرام فقالوا لكم إذا كان الإعتقاد بالقلب هو الإيمان عندكم فيجب إذا سها عن الإعتقاد وإحضاره ذكره أما في حال حديثه مع من يتحدث أو في حال فكره أو نومه أن يكون كافرا وأن يكون ذلك السهو كفرا فجوابهم أنه محمول على ما صح منه من الإقرار باللسان .
قال أبو محمد ونقول للجهمية والأشعرية في قولهم إن جحد الله تعالى وشتمه وجحد الرسول A إذا كان كل ذلك باللسان فإنه ليس كفرا لكنه دليل على أن في القلب كفرا أخبرونا عن هذا الدليل الذي ذكرتم أتقطعون به فتثبتونه يقينا ولا تشكون في أن في قلبه جحدا للربوبية وللنبوة أم هو دليل يجوز ويدخله الشك ويمكن أن لا يكون في قلبه كفر ولا بد من أحدهما فإن قالوا أنه دليل لا نقطع به قطعا ولا نثبته يقينا قلنا لهم فما بالكم تحتجون بالظن الذي قال تعالى فيه إن يتبعون إلا الظن وإن الظن لا يغني من