وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم وإنما أورد تعالى معرفتهم لرسول الله A محتجا عليهم بذلك لا أنه أتى من ذلك بكلام لا فائدة فيه وأما قولهم في إبليس فكلام داخل في الإستخفاف بالله D وبالقرآن لا وجه له غير هذا إذ من المحال الممتنع في العقل وفي الإمكان غاية الإمتناع أن يكون إبليس يوافق في هزله عين الحقيقة في أن الله تعالى كرم آدم عليه السلام وأنه تعالى أمره بالسجود فامتنع وفي أن الله تعالى خلق آدم من طين وخلقه من نار وفي أخباره آدم أن الله تعالى نهاه عن الشجرة وفي دخوله الجنة وخروجه عنها إذا خرجه الله تعالى وفي سؤاله الله تعالى النظرة وفي ذكره يوم يبعث العباد وفي إخباره أن الله تعالى أغواه وفي تهديده ذرية آدم قبل أن يكونوا وقد شاهد الملائكة والجنة وابتداء خلق آدم ولا سبيل إلى موافقة هازل معنيين صحيحين لا يعلمها فكيف بهذه الأمور العظيمة وأخرى أن الله تعالى حاشى له من أن يجيب هازلا بما يقتضيه معنى هزله فإنه تعالى أمره بالسجود ثم سأله عما منعه من السجود ثم أجابه إلى النظرة التي سأل ثم أخرجه عن الجنة وأخبره أنه يعصم منه من شاء من ذرية آدم وهذه كلها معان من دافعها خرج عن الإسلام لتكذيبه القرآن وفارق المعقول لتجويزه هذه المحالات ولحق بالمجانين الوقحاء وأما قولهم أن أخبار الله تعالى بأن هؤلاء كلهم كفار دليلا على أن في قلوبهم كفرا وإن شتم الله تعالى ليس كفر ولكنه دليل على أن في القلب كفرا وأن كان كافرا لم يعرف الله تعالى قط فهذه منهم دعاوى كاذبة مفتراه لا دليل لهم عليها ولا برهان لا من نص ولا من سنة صحيحة ولا سقيمة ولا من حجة عقل أصلا ولا من أجماع ولا من قياس ولا من قول أحد من السلف قبل اللعين جهم بن صفوان وما كان هكذا فهو باطل وإفك وزور فسقط قولهم هذا من قرب ولله الحمد رب العالمين فكيف والبرهان قائم بإبطال هذه الدعوى من القرآن والسنن والإجماع والمعقول والحس والمشاهدة الضرورية فأما القرآن فإن الله D يقول ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض وسخر الشمس والقمر ليقولن الله وقال تعالى وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون فأخبر تعالى بأنهم يصدقون بالله تعالى وهم مع ذلك مشركون وقال تعالى وأن الذين أوتوا الكتاب ليعلمون أنه الحق من ربهم .
قال أبو محمد هذه شهادة من الله مكذبة لقول هؤلاء الضلال لا يردها مسلم أصلا .
قال أبو محمد وبلغنا عن بعضهم أنه قال في قول الله تعالى يعرفونه كما يعرفون أبناءهم إن هذا إنكار من الله تعالى لصحة معرفتهم بنبوة رسول الله A قال وذلك لأن الرجال لا يعرفون صحة أبنائهم على الحقيقة وإنما هو ظن منهم .
قال أبو محمد وهذا كفر وتحريف للكلم عن مواضعه ويرد ما شئت منه .
قال أبو محمد فأول ذلك أن هذا الخطاب من الله تعالى عموم للرجال والنساء من الذين أوتوا الكتاب لا يجوز أن يخص به الرجال دون النساء فيكون من فعل ذلك مفتريا على الله تعالى وبيقين يدري كل مسلم أن رسول الله A بعث إلى النساء كما بعث إلى الرجال والخطاب بلفظ الجمع المذكر يدخل فيه بلا خلاف من أهل اللغة النساء والرجال وقد علمنا أن النساء يعرفن أبناءهن على الحقيقة بيقين والوجه الثاني هو أن الله تعالى لم يقل كما يعرفون من خلقنا من نطفتهم فكان يسوغ لهذا الجاهل حينئذ هذا التمويه البارد بإستكراه أيضا وإنما قال