حتى يخلقها ثم يخلقنا منها أم خلقه لنا حيث خلقنا فأن عجزوا ربهم جعلوه ذا طبيعة متناهى القدرة ومشبها لخلقه وأبطلوا إلاهيته وجعلوه محيزا ضعيفا وهذا كفر مجرد ونفي السؤال أيضا مع ذلك يحسبه في أن يجعلنا كالملائكة وأن يجعلنا كلنا أنبياء كما فعل بعيسى ويحيى عليهما السلام وسائر الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وقال بعضهم ليس جهلنا بوجه المصلحة في ذلك مما يخرج هذا الأمر عن الحكمة فقلنا لهم فاقنعوا بمثل هذا بعينه فمن قال لكم ليس جهلنا بوجه المصلحة والحكمة في خلق الله تعالى لأفعال عباده وفي تكليفه الكافر والفاسق مالا يطيق ثم يعذبهما على ذلك مما يخرجه عن الحكمة وهذا لا مخلص لهم منه قال ابو محمد وأما نحن فلا نرضى بهذا بل ما جهلنا ذلك لكن نقطع على أن كل ما فعله الله تعالى فهو عين الحكمة والعدل وإن من أراد إجراء أفعاله تعالى على الحكمة المعهودة بيننا والعدل المعهود بيننا فقد الحدوا حظارضل وشبه الله D بخلقه لأن الحكمة والعدل بيننا إنما هما طاعة الله D فقط لاحكمة ولا عدل غير ذلك إلا ما أمرنا به أي شيء كان فقط وأما الله تعالى فلا طاعة لأحد عليه فبطل أن تكون أفعاله جارية على أحكام العبيد المأمورين المربوبين المسؤلين عما يفعلون لكن أفعاله تعالى جارية على العزة والقدرة والجبروت والكبرياء والتسليم له وإن لا يسأل عما يفعل ولا مزيد كما قال تعالى وقد خاب من خالف ما قال الله D ومع هذا كله فلم يتخلصوا من رجوع وجوب التجوير والعبث على أصولهم على ربهم تعالى عن ذلك وقال متكلموهم لو خلقنا في الجنة لم نعلم مقدار النعمة علينا في ذلك وكنا أيضا نكون غير مستحقين لذلك النعيم بعمل عملناه وأدخالنا الجنة بعد استحقاقنا لهم أتم في النعمة وأبلغ في اللذة وأيضا فلو خلقنا في الجنة لم يكن بد من التوعد على ما حظر علينا وليست الجنة دار توعد وأيضا فأن الله تعالى قد علم أن بعضهم كان يكفر فيجب عليه الخروج من الجنة قال أبو محمد هذا كل ما قدروا عليه من السخف وهذا كله عائد عليهم بحول الله تعالى وقوته وعونه لنا فنقول وبالله تعالى التوفيق أما قولهم لو خلقنا في الجنة لم نعلم مقدار النعمة علينا في ذلك فأننا نقول وبالله تعالى نتأيد أكان الله تعالى قادر على أن يخلقنا فيها ويخلق فينا قوة وطبيعة نعلم بها قدر النعمة علينا في ذلك أكثر من علمنا بذلك بعد دخولنا فيها يوم القيامة أو كعلمنا ذلك أم كان غير قادر على ذلك فأن قالوا كان غير قادر على ذلك عجزوا ربهم تعالى وجعلوا قوته متناهية يقدر على أمرنا ولا يقدر على غيره وهذا لا يكون إلا لعرض داخل أو لبنيه متناهية القوة وهذا كفر مجرد وإن قالوا كان الله قادرا على ذلك أقروا بأنه D لم يفعل بهم اصلح ما عنده وإن عنده أصلح مما فعل بهم وأيضا فأن كانوا أرادوا بذلك إن اللذة تعقب البلاء والتعب أشد سرورا وأبلغ لزمهم ان يبطلوا نعم الجنة جملة لأنه ليس نعيمها البتة مشوبا بالم ولا تعب وكل الم بعد العهد به فأنه ينسى كما قال القائل ... كان الفتى لم يعر يوما إذا اكتسى ... ولم يفتقر يوما إذا ما تمولا ... .
فلزم على هذا الأصل أن يحدد الله تعالى لأهل الجنة آلا ما فيها ليتجدد لهم بذلك وجود اللذة وهذا خروج عن الأسلام ويلزمهم أيضا أن يدخل النبيين والصالحين النار ثم يخرجهم منها الى الجنة فتضاعف اللذة والسرور أضعافا بذلك ويقال لهم كنا نكون