لم يرد كونه لمنع من ذلك كما منع من كون كل ما لم يرد أن يكون .
قال أبو محمد ويكفي من هذا كله إجتماع الأمة على قول ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن فهذا على عمومه موجب أن كل ما في العالم كان أو يكون أي شيء كان فقد شاءه الله تعالى وكل ما لم يكن ولا يكون فلم يشأه الله تعالى نصا لا يحتمل تأويلا على أنه أراد كون كل ذلك فمن ذلك قوله تعالى لمن شاء منكم أن يستقيم وما تشاؤن إلا أن يشاء الله رب العالمين فنص تعالى نصا جليا على أنه لا يشاء أحد استقامة على طاعته تعالى إلا إن شاء الله تعالى أن يستقيم فلو صح قول المعتزلة أن الله تعالى شاء أن يستقيم كل ملكف لكان بنص القرآن كل مكلف مستقيم لأن الله تعالى عندهم قد شاء ذلك وهذا تكذيب مجرد لله تعالى نعوذ بالله من مثله فصح يقينا لا مدخل للشك في صحته أنه تعالى شاء خلاف الإستقامة منهم ولم يشأ أن يستقيموا بنص القرآن وقال تعالى وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة وما جعلنا عدتهم إلا فتنة للذين كفروا ليستيقن الذين أوتوا الكتاب ويزداد الذين آمنوا ولا يرتاب الذين أوتوا الكتاب والمؤمنون وليقول الذين في قلوبهم مرض والكافرون ماذا أراد الله بهذا مثلا كذلك يضل الله من يشاء ويهدي من يشاء .
قال أبو محمد وهذه الآية غاية في البيان في أن الله تعالى جعل عدة ملائكة النار فتنة للذين كفروا وليقولوا ماذا أراد الله بهذا مثلا فأخبر تعالى أنه أراد أن يفتن الذين كفروا وأن يضلهم فيضلوا وأنه تعالى قصد اضلالهم وحكم بذلك كما قصد هدى المؤمنين وأراده وكذلك قال تعالى ولو جعلناه قرآنا أعجميا لقالوا لولا فصلت آياته أأعجمي وعربي قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء والذين لا يؤمنون في آذانهم وقر وهو عليهم عمي .
قال أبو محمد فنص تعالى على أنه أنزل القرآن هدى للمؤمنين وعمى للكفار وبيقين ندري أنه تعالى إذا نزل القرآن أراد أن يقول كما قال تعالى عمى للكفار وهدى للمؤمنين وقال تعالى ولو شاء ربك لآمن في في الأرض كلهم جميعا أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين وما كان لنفس أن تؤمن إلا بإذن الله ويجعل الرجس على الذين لا يعقلون هكذا هي الآية كلها موصولة بعضها ببعض فنص تعالى على أنه لو شاء لآمن الناس والجن وهم أهل الأرض كلهم ولو في لغة العرب التي بها خاطبنا الله D ليفهمنا حرف يدل على امتناع الشيء لإمتناع غيره فصح يقينا أن الله تعالى لم يشأ أن يؤمن كل من في الأرض وإذ لا شك في ذلك فباليقين ندري أنه شاء منهم خلاف الإيمان وهو الكفر والفسق لا بد ولو كان الله تعالى اذن للكافرين في الإيمان على قول المعتزلة لكان كل من في الأرض قد آمن لأنه تعالى قد نص على أنه لا يؤمن أحد إلا بإذنه وهذا أمر من المعتزلة يكذبه العيان فصح أن المعتزلة كذبت وأن الله تعالى صدق وأنه لم يأذن قط لمن مات كافرا في الإيمان وأن من عمي عن هذه لأعمى القلب وكيف لا يكون أعمى ا لقلب من أعمى الله قلبه عن الهدى وبالضرورة ندري أن قول الله تعالى وما كان لنفس أن تؤمن إلا بإذن الله حق وأن من لم يأذن الله تعالى له في الإيمان فإنه تعالى لم يشأ أن يؤمن وإذا لم يشأ أن يؤمن فبلا شك أنه تعالى شاء أن يكفر هذا ما لا إنفكاك منه وقال تعالى ونذرهم في طغيانهم يعمهون ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة وكلمهم الموتى وحشرنا عليهم كل شيءقبلا ما كانوا ليؤمنوا إلا أن يشاء الله فبين تعالى أتم بيان على أن الآيات لا تغني شيئا ولا النذر وهم الرسل وأنه لا يؤمن شيء