ويحيى ومحمدا صلوات الله عليهم دون غيرهم ودون أبي لهب وأبي جهل وفرعون والذي حاج إبراهيم في ربه فعلى قول المعتزلة يجب أن الله تعالى ظلم هؤلاء الذين حابى غيرهم عليهم وهذا ما لا مخلص لهم منه إلا بترك قولهم الفاسد وأما قوله تعالى وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون فهكذا نقول ما خلقهم الله تعالى إلا ليكونوا له عبادا مصرفين بحكمه فيهم منقادين لتدبيره إياهم وهذه حقيقة العبادة والطاعة أيضا عباده وقال تعالى حاكيا عن القائلين أنؤمن لبشرين مثلنا وقومهما لنا عابدون وقد علم كل أحد أن قوم موسى عليه السلام لم يعبدوا قط فرعون عبادة تدين لكن عبدوه عبادة تذلل فكانوا له عبيدا فهم له عابدون وكذلك قول الملائكة عليهم السلام بل كانوا يعبدون الجن وقد علم كل أحد أنهم لم يعبدوا الجن عبادة تدين لكن عبدوهم عبادة تصرف لأمرهم وإغوائهم فكانوا لهم بذلك عبيدا فصح القول بأنهم يعبدونهم وهذا بين وقال بعض أصحابنا معنى هذه الآية أنه تعالى خلقهم ليأمرهم بعبادته ولسنا نقول بهذا لأن فيهم من لم يأمره الله تعالى قط بعبادته كالأطفال والمجانين فصار تخصيصا للآية بلا برهان والذي قلناه هو الحق الذي لا شك فيه لأنه المشاهد المتيقن العام لكل واحد منهم وأما ظن المعتزلة في هذه الآية فباطل يكذبه إجماعهم معنا أن الله تعالى لم يزل يعلم أن كثيرا منهم لا يعبدونه فكيف يجوز أن يخبر أنه خلقهم لأمر قد علم أنه لا يكون منهم إلا أن يصيروا إلى قول من يقول أنه تعالى لا يعلم الشيء حتى يكون فيتم كفر من لجأ إلى هذا ولا يخلصون مع ذلك من نسبة العبث إلى الخالق تعالى إذ غرر من خلق فيما لا يدري أيعطبون فيه أم يفوزون وتحيرت المعتزلة القائلون بالأصلح وبإبطال المحاباة في وجه العدل في ستة عشر بابا وهي العدل في إدامة العذاب العدل في إيلام الحيوان العدل في تبليغ من في المعلوم أنه يكفر العدل في المخلوق العدل في المخلوق العدل في إعطاء الاستطاعة العدل في الارادة العدل في البدل العدل في الامر العدل في عذاب الأطفال العدل في إستحقاق العذاب العدل في المعرفة العدل في اختلاف أحوال المخلوقين العدل في اللطف العدل في الأصلح العدل في نسخ الشرائع العدل في النبوة .
الكلام في هل شاء الله D كون الكفر والفسق .
وإراده تعالى من الكافر والفاسق أم لم يشاء ذلك ولا أراد كونه .
قال أبو محمد قالت المعتزلة أن الله تعالى لم يشاء أن يكفر الكافر ولا أن يفسق الفاسق ولا أن يشتم تعالى ولا أن يقتل الأنبياء عليهم الصلاة والسلام واحتجوا بقول الله D ولا يرضى لعباده الكفر وبقوله تعالى اتبعوا ما أسخط الله وكرهوا رضوانه فأحبط أعمالهم وقالوا من فعل ما أراد الله فهو مأجور محسن فإن كان الله تعالى أراد أن يكفر الكافر وأن يفسق الفاسق فقد فعلا جميعا ما أراد الله تعالى منهما فهما محسنان مأجوران وذهب أهل السنة أن لفظة شاء وأراد لفظة مشتركة تقع على معنيين أحدهما الرضى والإستحسان فهذا منهي عن الله تعالى أنه أراده أو شاءه في كل ما نهى عنه والثاني أن يقال أراد وشاء بمعنى أراد كونه وشاء وجوده فهذا هو الذي نخبر به عنه الله D في كل موجود في العالم من خير أو شر فسلكت المعتزلة سبيل السفسطة في التعلق بالألفاظ المشتركة الواقعة على معنيين فصاعدا والتمويه الذي يضمحل إذا فتش ويفتضح إذا بحث