لا قبل ذلك وأما الواحد فليس عددا لما سنبينه إن شاء الله تعالى فقد انقضى الكلام في هذا الباب وبالله تعالى التوفيق .
ومن البرهان على أن فاعل العالم ليس واحدا أن العالم لو كان مخلوقا لإثنين فصاعدا لم يخل من أن يكونا لم يزالا مشتبهين أو مختلفين فأياما قالوا فقد أثبتوا معنى فيهما أو في أحدهما به اشتبها أو به اختلفا فإن نفوا ذلك فقد نفوا الإختلاف والإشتباه معا ولا يجوز ارتفاعهما معا أصلا لأن ذلك محال وموجب للعدم لأن وجود شيئين لا يشتبهان في شيء ولا يختلفان بوجه من الوجوه محال إذ في ذلك عدمهما لأن هذه الصفة معدومة فحاملها معدوم وهم قد أثبتوا وجودها فيلزم القول بموجود معدوم في وقت واحد من وجه واحد وهذا محال وهم إذا أثبتوهما موجودين لم يزالا فقد أثبتوا لهما معاني قد اشتبها فيها وهي كونهما مشتبهين في الوجود مشتبهين في الفعل مشتبهين في أن لم يزالا ولا يجوز أن تكون هذه الأشياء ليست غيرهما لأنها صفات عمتهما أعني اشتباههما في المعاني المذكروة فإن كان اشتباههما هو هما فهما شيء واحد وكذلك أيضا يلزم في كونهما مختلفين في أن كل واحد فهما غير صاحبه فإن كان هذا الإختلاف فيهما هو غيرهما فههنا ثالث وهكذا أيضا أيدا .
وسنذكر ما يدخل في هذا إن شاء الله تعالى .
وإن كان التغاير هو هما والإشتباه هو هما فالتغاير هو الإشتباه وهذا هو عين المحال لأنه لا بد من معنى موجود في المتغاير ليس اشتباها لأنه لا يجوز أن يكون الشيئان مشتبهين بالتغاير فإذ قد ثبت ما ذكرنا ولم يكن بد من اشتباه أو اختلاف هو معنى غيرهما فقد ثبت ثالث وإذا ثبت ثالث لزم فيهم ثلاثتهم مثل ما لزم في الإثنين من السؤال وهكذا أبدا وهذا يوجب ضرورة أن كل واحد فهما أو احدهما مركب من ذاته ومن المعنى الذي بان به عن الآخر أو به أشبه الآخر فإن أثبتوا ذلك لهما جميعا وكلاهما مركب والمركب محدث فهما مخلوقان لغيرهما ولا بد وإن أثبتوا ذلك لأحدهما فقط كان مركبا وكان الآخر هو الفاعل له فقد عاد الأمر إلى واحد غير مركب ولا بد ضرورة .
ويوجب أيضا أن تمادوا على ما الزمناهم من وجود معنى به بار كل من الآخر وجود قدماء لم يزالوا ووجود فاعلين آلهة أكثر من الماهولين وهذا محال لأنه لا سبيل إلى وجود أعداد قائمة ظاهرة في وقت واحد لا نهاية لها لأنه إن كان لها عدد فقد حصرها ذلك العدد على ما قدمنا وكل ما حصر فهو متناه وقد أوجبنا عليهم القول بأنها غير متناهية فلزمهم القول بأعداد متناهية لا متناهية وهذا من أعظم المحال فإن لم يكن لها عدد فليست موجودة لأن كل موجود فله عدد وكل ذي عدد متناه كما قدمنا فإن قال قائل فبأي شيء انفصل الخالق عن الخلق