ذلك الآن وابدا وبطل أن يكون تعالى متعبدا لنفسه وموجبا عليه ما يكون ظالما مذموما إن خالفه وإن قالوا لا يوصف تعالى بالقدرة على ذلك عجزوا ربهم تعالى ولزمهم القول بمثل قول على الأسوارى من أنه تعالى لا يقدر على غير ما فعل فحكم هذا الردى الدين والعقل بأنه أقدر من ربه تعالى وأقوى لانه عد نفسه الخسيسة يقدر على ما فعل وعلى ما لم يفعل وربه تعالى لا يقدر الاعلى ما فعل ولو علم المجنون انه جعل ربه من الجمادات المضطرة الي ما يبدو منها ولا يمكن ان يظهر منها غير ما يظهر لسخنت عينه ولطال عويله على عظيم مصيبته نعوذ بالله من الخذلان ومن عظم ما حل بالقدرية المتنطعين بالجهل والعمى والحمد لله على توفيقه ايانا حمدا كثيرا كما هو اهله .
قال ابو محمد ويقال لهم هكم ! شنعتم في قبيح انه قبيح فلم نفيتم عن الله D خلق الخير كله وخلق الحسن كله فقلتم لم يخلق الله تعالى الأيمان ولا الأسلام ولا الصلاة ولا الزكاة ولا النية الحسنة ولا إعتقاد الخير ولا إيتاء الزكاة ولا الصدقة ولاالبر لان خلق هذا قبيح أم كيف الامر فبان تمويهكم بذكر خلق الشر وأنتم قد استوى عندكم الخير والشر في أن الله تعالى لم يخلق شيئا من ذلك كله فدعو التمويه الضعيف .
قال أبو محمد وقرأت في مسائل لأبي هاشم عبد السلام ابن أبي علي محمد بن عبد الوهاب الجائي رئيس المعتزلة وابن رئيسهم كلاما لم يردد فيه كثيرا دون حياء ولا رقبة يجب على الله أن بفعل كذا كأنه المجنون يخبر عن نفسه أو عن رجل من عرض الناس فليت شعري أما كان له عقل أو حس يسائل به نفسه فيقول ليت شعري من أوجب على الله تعالى هذا الذي قضى بووجوبه عليه ولا بد لكل وجوب وإيجاب من موجب ضرورة وإلا كان يكون فعلا لا فاعل له وهذا كفر مما أجازه فمن هذا الموجب على الله تعالى حكما ما وهذا لا يخلو ضرورة من أحد وجهين لا ثالث لهما أما أن يكون أوجبه تعالى عليه بعض خلقه أما العقل وأما العاقل فإن كان هذا فقد رفع القلم عنه وأف لكل عقل يقوم فيه أنه حاكم على خالقه ومحدثه بعد أن لم يكن ومرتبه على ما هو عليه ومصرفه على ما يشاء وأما أن يكون تعالى أوجب ذلك على نفسه بعد أن لم يزل غير موجب له على نفسه فإن قال بهذا قيل له فقد كان غير واجب عليه حتى أوجبه فإذ هو كذلك فقد كان مباحا له أن يعذب من لم يقدره على ترك ما عذبه عليه وعلى خلاف سائر ما ذكرت أنه أوجبه على نفسه وإذا وجب ذلك على نفسه بعد أن لم يكن واجبا عليه فممكن له أن يسقط ذلك الوجوب عن نفسه وإما أن يكون تعالى لم يزل موجبا ذلك على نفسه فإن قال بهذا لزمته عظيمتان مخرجتان له عن الإسلام وعن جميع الشرائع وهما أن الباري تعالى لم يزل فاعلا ولم يزل فعله معه لأن الإيجاب فعل ومن لم يزل موجبا فلم يزل فاعلا وهذا قول أهل الدهر نفسه .
قال أبو محمد ولا يمانع بين جميع المعتزلة في إطلاق هذا الجنون من أنه يجب على الله أن يفعل كذا ويلزمه أن يفعل كذا فأعجبوا لهذا الكفر المحض وبهذا يلوح بطلان ما يتأولونه في قول الله تعالى وكان حقا علينا نصر المؤمنين وقوله تعالى كتب على نفسه الرحمة وقوله عليه السلام حق العباد على الله أن لا يعذبهم يعني إذا قالوا لا إله إلا الله وحق على الله أن يسقيه من طينه الخبال يعني عن شارب الخمر وأن كل هذا إنما هو أن الله تعالى قضى بذلك وجعله حتما واجبا وكونه حقا فوجب ذلك منه