يحب وطء كل جميلة يستمتع بها لولا التقوى ويحب النوم عن الصلاة في الليالي القاهرة والهواجر الحارة ويحب الأكل في أيام الصوم ويحب إمساك ماله عن الزكاة وإنما يأتي خلاف ما يريد مغالبة لإرادته وقهرا لها وأما صرفا لها فلا سبيل له إليه فقد تم الإخبار صحيحا على قول هذين الرجلين وحسبنا الله ونعم الوكيل .
قال أبو محمد والبرهان على صحة قول من قال أن الله تعالى خلق أعمال العباد كلها نصوص من القرآن وبراهين ضرورية منتجة من بديهة العقل والحس لا يغيب عنها إلا جاهل وبالله تعالى التوفيق فمن النصوص قول الله D هل من خالق غير الله .
قال أبو محمد هذا كاف لمن عقل واتقى الله وقد قال لي بعضهم إنما أنكر الله تعالى أن يكون هاهنا خالق غيره يرزقنا كما في نص الآية .
قال أبو محمد وجواب هذا أنه ليس كما ظن هذا القائل بل القضية قد تمت في قوله غير الله ثم ابتدأ D بتعديد نعمه علينا فأخبرنا أنه يرزقنا من السماء والأرض وقال تعالى فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم وهذا برهان جلي على أن الدين مخلوق لله D وقال تعالى والذين تدعون من دون الله لا يخلقون شيئا وهم يخلقون ولا يملكون لأنفسهم ضرا ولا نفعا ولا يملكون موتا ولا حياة ولا نشورا .
قال أبو محمد ومنهم من يعبد المسيح وقالت الملائكة وصدقوا بل كانوا يعبدون الجن فصح أن كل ما عبدوه ومنهم المسيح والجن لا يخلقون شيئا ولا يملكون لأنفسهم ضرا ولا نفعا فثبت يقينا أنهم مصرفون مدبرون وأن أفعالهم مخلوقة لغيرهم وقال تعالى أفمن يخلق كمن لا يخلق أفلا تذكرون .
قال أبو محمد وهذا نص جلي على إبطال أن يخلق أحد دون الله تعالى شيئا لأنه لو كان هاهنا أحد غيره تعالى يخلق لكان من يخلق موجودا جنسا في حيز ومن لا يخلق جنسا آخر وكان الشبه بين من يخلق موجودا وكان من لا يخلق لا يشبه من يخلق وهذا إلحاد عظيم فصح بنص هذه الآية أن الله تعالى هو يخلق وحده وكل من عداه لا يخلق شيئا فليس أحد مثله تعالى فليس من يخلق وهو الله تعالى كمن لا يخلق وهو كل من سواه وقال تعالى ولكل وجهة هو موليها وهذا نص جلي من كذبه كفر وقد علمنا أنه تعالى لم يأمر بتلك الوجهات كلها بل فيها كفر قد نهى الله D عنه فلم يبق إذ هو مولى كل وجهة إلا أنه خالق كل وجهة لا أحدا من الناس وهذا كاف لمن عقل ونصح نفسه ومنها قول الله D هذا خلق الله فأروني ماذا خلق الذين من دونه وهذا إيجاب لأن الله تعالى خلق كل ما في العالم وأن كل من دونه لا يخلق شيئا أصلا ولو كان ههنا خالق لشيء من الأشياء غير الله تعالى لكان جواب هؤلاء المقررين جوابا قاطعا ولقالوا له نعم نريك أفعالنا خلقها من دونك ونعم هاهنا خالقون كثير وهم نحن لأفعالنا وقوله D أم جعلوا لله شركاء خلقوا كخلقه فتشابه الخلق عليهم قل الله خالق كل شيء وهذا بيان واضح لا خفاء به لأن الخلق كله جواهر وإعراض ولا شك في أنه لا يفعل الجواهر أحد دون الله تعالى وإنما يفعله الله D وحده فلم تبق إلا الأعراض فلو كان الله D خالقا لبعض الأعراض ويكون الناس خالقين