الله عليه وسلم وللقرآن فإن ذكروا الآيات التي في القرآن مثل لعله يتذكر أو يخشى لعلكم تؤمنون لعلكم تشكرون لعلكم تذكرون ونحو ذلك فإنما هي كلها بمعنى لام العاقبة أي ليتذكر ولتؤمنوا وليشكروا وليتذكروا وليخشى على ظاهر الأمر عندنا من إمكان كل ذلك منا كما قال D ليبلوكم أيكم أحسن عملا وقال D ثم لتكونوا شيوخا فهذا أيضا على الإمكان ممن عاش والأول على الممكن من الناس عند الخطاب والدعاء إلى الله تعالى وكذلك كل ما جاء في القرآن بلفظه أو فإنما هو على أحد وجهين أما على الشك من المخاطبين لا من الله تعالى وأما بمعنى التخيير في الكل كقول القائل جالس الحسن أو ابن سرين برهان ذلك ورود النص بأنه تعالى لا يضل ولا ينسى وأنه قد علم أن فرعون لا يؤمن حتى يرى العذاب وكما قال تعالى أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن وبهذا تتألف النصوص كلها فلم يبق لأهل القول بحدوث العلم إلا أن يقولوا أنه تعالى خلق شيئا ما كان حاملا لعلمه بالساعة .
قال أبو محمد وهذا من السخف ما هو من العلم لأن علم العالم لا يقوم بغيره ولا يحمله سواه هذا أمر يعلم بالضرورة والحس فمن ادعى دعوى لا يأتي عليها بدليل فهي باطلة فكيف إذا أبطلها الحس وضرورة العقل ويبين ما قلنا نصا قوله تعالى حاكيا عن نبيه موسى عليه السلام أنه قال لبني إسرائيل عسى ربكم أن يهلك عدوكم ويستخلفكم في الأرض فينظر كيف تعملون هذا مع قوله تعالى وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدن في الأرض مرتين ولتعلن علوا كبيرا فإذا جاء وعد اولاهما بعثنا عليكم عبادا لنا أولي بأس شديد فجاسوا خلال الديار وكان وعدا مفعولا ثم رددنا لكم الكرة عليهم وأمددناكم بأموال وبنين وجعلناكم أكثر نفيرا إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها فإذا جاء وعد الآخرة ليسوؤا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علو تتبيرا عسى ربكم أن يرحمكم وإن عدتم عدنا فهذا نص قولنا أنه قد علم تعالى ما يفعلون وأخبر بذلك ثم مع هذا أخرج الخطاب بالمعهود عندنا بلفظ عيسى وفينظر .
قال أبو محمد فإذا قد صح ما كرنا فقد ثبت ضرورة أن قول القائل متى علم الله زيدا ميتا سؤال فاسد بالضرورة لأن متى سؤال عن زمان وعلم الله تعالى ليس في زمان أصلا لأنه ليس هو غير الله تعالى وقد مضى البرهان على أن الله تعالى ليس في زمان ولا في مكان وإنما الزمان والمكان للمعلوم فقط بما بينا وبالله تعالى التوفيق فإن اعترض معترض بقول الله D ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء فقال أن من للتبعيض ولا يتبعض إلا محدث مخلوق ولا يحاط إلا بمخلوق محدث وقد نص الله تعالى أنه يحاط بما شاء من علمه فوجب أن علمه مخلوق لأنه محاط ببعضه وهو متبعض فالجواب وبالله تعالى