اطلع أخص الناس به من زوجة أو ابنة أو عم أو ابن عم أو صاحب على شيء من الشريعة كتمه عن الأحمر والأسود ورعاة الغنم ولا كان عنده عليه السلام السر ولا رمز ولا باطن غير ما دعي الناس كلهم إليه ولو كتمهم شيئا لما بلغ كما أمر ومن قال هذا فهو كافر فإياكم وكل قول لم يبين سبيله ولا وضح دليله ولا تعوجا عن ما مضى عليه نبيكم A وأصحابه Bهم .
قال أبو محمد وقد أوضحنا شنع جميع هذه الفرق في كتاب لنا لطيف اسمه النصائح المنجية من الفضائح المخزية والقبائح المردية من أقوال أهل البدع من الفرق الأربع المعتزلة والمرجئية والخوارج والشيع ثم أضفناه إلى آخر كلامنا في النحل من كتابنا هذا و جملة الخير كله أن تلزموا ما نص عليه ربكم تعالى في القرآن بلسان عربي مبين لم يفرط فيه من شيء تبيانا لكل شيء وما صح عن نبيكم A برواية الثقاة من أئمة أصحاب الحديث Bهم مسند إليه عليه السلام فهما طريقتان يوصلانكم إلى رضى ربكم D ونحن نبتديء من هنا إن شاء الله تعالى في المعاني التي هي عمدة ما افترق المسلمون عليه وهي التوحيد والقدر والإيمان والوعيد والإمامة والمفاضلة ثم أشياء تسميها المتكلمون اللطائف ونورد كل ما احتجوا به ونبين بالبراهين الضرورية إن شاء الله تعالى وجه الحق من كل ذلك كما فعلنا فيما خلا بعون الله تعالى لنا وتأييده ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم فأول ذلك .
الكلام في التوحيد ونفي التشبيه .
قال أبو محمد ذهب طائفة إلى القول بأن الله تعالى جسم وحجتهم في ذلك أنه لا يقوم في المعقول إلا جسم أو عرض فلما بطل أن يكون تعالى عرضا ثبت أنه جسم وقالوا أن الفعل لا يصح إلا من جسم والباري تعالى فاعل فوجب أنه جسم واحتجوا بآيات من القرآن فيها ذكر اليد واليدين والآيدي والعين والوجه والجنب وبقوله تعالى وجاء ربك ويأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة وتجليه تعالى وبأحاديث للجبل فيها ذكر القدم واليمين والرجل والأصابع والتنزل .
قال أبو محمد ولجميع هذه النصوص وجوه ظاهرة بينة خارجة على خلاف ما ظنوه وتأولوه .
قال أبو محمد وهذان الإستدلالان فاسدان أما قولهم أنه لا يقوم في المعقول إلا جسم أو عرض فإنها قسمة ناقصة وإنما الصواب أنه لا يوجد في العالم إلا جسم أو عرض وكلاهما يقتضي بطبيعته وجود محدث له فالبضرورة لعلم أنه لو كان محدثها جسما أو عرضا لكان يقتضي فاعلا فعله ولا بد فوجب بالضرورة أن فاعل الجسم والعرض ليس جسما ولا عرضا وهذا برهان يضطر إليه كل ذي حس بضرورة العقل ولا بد وأيضا فلو كان الباري تعالى عن إلحادهم جسما لأقتضى ذلك ضرورة أن يكون له زمان ومكان هما غيره وهذا إبطال التوحيد وإيجاب الشرك معه تعالى لشيئين سواه وإيجاب أشياء معه غير مخلوقة وهذا كفر وقد تقدم إفسادنا