ولا ينزفون وتلك الملابس غير محوكة بنسج ولا فانية ولا متغيرة ولا تقبل البلاء وتلك الأجساد لا كدر فيها ولا خلط ولا دم ولا أذى وتلك النفوس لا رذيلة فيها من غل ولا حسد ولا حرص قال الله تعالى ونزعنا ما في صدورهم من غل اخوانا وأخبر رسول الله A عن المخرجين من النار أنهم يطرحون في نهر على باب الجنة فإذا نقوا وهذبوا هذا نص لفظ رسول الله A ثم بعد التنقية أخبر رسول الله A أنهم حينئذ يصيرون إلى الجنة فصح أن الملاذ من هذه الأشياء والمتناولات تصل إلى النفوس هنالك على حسب اختلاف وجود النفس لها وتغاير أنواع التذاذها بها وأوقعت عليها الأسماء لإفهامها المعنى المراد وقد روينا عن ابن عباس ما حدثناه يحيى بن عبد الرحمن بن مسعود حدثنا قاسم بن أصبع حدثنا إبراهيم بن عبد الله العبسي حدثنا وكيع بن الجراح أنبأنا الأعمش عن أبي ظبيان عن ابن عباس أنه قال ليس في الجنة مما في الدنيا إلا الأسماء وهذا سند في غاية الصحة وهو أول حديث في قطعة وكيع المشهورة .
قال أبو محمد وأما الوطيء فهو هنالك كما هو عندنا ههنا لأنه ليس فيه مؤنة ولا إستحالة وإنما هو التذاذ النفس بمداخلة بعض الجسد المضاف إليها لجسد آخر فقط وأما الجواب الثالث الإقناعي وهو موافق لأصولهم ولسنا نعتمد عليه فهو قدماء الهند قد ذكروا في كلامهم في الأفلاك والبروج ووجوه المطالع أنه يطلع مع كل وجه من وجوه البروج صور وصفوها وذكروا أنه ليس في العالم الأدنى صورة إلا وهي في العالم الأعلا .
قال أبو محمد وهذا إيجاب منهم أن هنالك ملابس ومشارب ومطاعم ووطئا وأنهارا وأشجارا أو غير ذلك .
قال أبو محمد وعارضني يوما نصراني كان قاضيا على نصارى قرطبة في هذا وكان يتكرر على مجلسي فقلت له أو ليس فيما عندكم في الإنجيل أن المسيح عليه السلام قال لتلاميذه ليلة أكل معهم الفصح وفيها أخذ بزعمهم وقد سقاهم كأسا من خمر وقال إني لا أشربها معكم أبدا حتى تشربوها معي في الملكوت عن يمين الله تعالى وقال في قصة الفقير المسمى العاذار الذي كان مطرحا على باب الغني تلحس الكلاب جراح قروحه وأن ذلك الغني نظر إليه في الجنة متكئا في حجر إبراهيم عليه السلام فناداه وهو في النار يا أبى يا إبراهيم ابعث إلى العاذار بشيء من ماء يبل به لساني وهذا نص على أن في الجنة شرابا من ماء وخمر فسكت النصراني وانقطع والتوراة التي بأيدي اليهود فليس ذكر ما لنعيم الآخرة أصلا ولا لجزاء بعد الموت البتة .
قال أبو محمد وكذلك الجواب في أكل أهل النار وشربهم سواء بسواء كما ذكرنا وبالله تعالى التوفيق