قديم الدهور مد أربعمائة عام وخمسين عاما في المشرق والمغرب والجنوب والشمال يرحل في طلبه من لا يحصى عددهم إلا خالقهم إلى الآفاق البعيدة ويواظب على تقييده من كان الناقد قريبا منه قد تولى الله تعالى حفظه عليهم والحمد لله رب العالمين فلا تفوتهم ذلة في كلمة فما فوقها في شيء من النقل إن وقعت لأحدهم ولا يمكن فاسق أن يقحم فيه كلمة موضوعة ولله تعالى الشكر وهذه الأقسام الثلاثة التي نأخذ ديننا منها ولا نتعداها إلى غيرها والحمد لله رب العالمين والرابع شيء نقله أهل المشرق والمغرب أو الكافة أو الواحد الثقة عن أمثالهم إلى أن يبلغ من ليس بينه وبين النبي A إلا واحد فأكثر فسكت ذلك المبلوغ إليه عمن أخبره بتلك الشريعة عن النبي A فلم يعرف من هو فهذا نوع يأخذ به كثير من المسلمين ولسنا نأخذ به البتة ولا نضيفه إلى النبي A إذ لم نعرف من حدث به عن النبي A وقد يكون غير ثقة ويعلم منه غير الذي روى عنه ما لم يعرف منه الذي روى عنه ومن هذا النوع كثير من نقل اليهود بل هو أعلى ما عندهم إلا أنهم لا يقربون فيه من موسى كقربنا فيه من محمد A بل يقفون ولا بد حيث بينهم وبين موسى عليه السلام أزيد من ثلاثين عصرا في أزيد من ألف وخمسمائة عام وإنما يبلغون بالنقل إلى هلال وشماني ومرعقيما وأمثالهم وأظن أن لهم مسألة واحدة فقط يروونها عن حبر من أحبارهم عن نبي من متأخري أنبيائهم أخذها عنه مشافهة في نكاح الرجل ابنته إذا مات عنها أخوه وأما النصارى فليس عندهم من صفة هذا النقل إلا تحريم الطلاق وحده فقط على أن مخرجه من كذاب قد صح كذبه والخامس شيء نقل كما ذكرنا إما بنقل أهل المشرق والمغرب أو كافة عن كافة أو ثقة عن ثقة حتى يبلغ إلى النبي A إلا أن في الطريق رجلا مجروحا بكذب أو غفلة أو مجهول الحال فهذا أيضا يقول به بعض المسلمين ولا يحل عندنا القول به ولا تصديقه ولا الأخذ بشيء منه وهذه صفة نقل اليهود والنصارى فيما أضافوه إلى أنبيائهم لأنه يقطع بأنهم كفار بلا شك ولا مرية والسادس نقل نقل بأحد الوجوه التي قدمنا أما بنقل من بين المشرق والمغرب أو بالكافة أو بالثقة عن الثقة حتى يبلغ ذلك إلى صاحب أو تابع أو إمام دونهما أنه قال كذا أو حكم بكذا غير مضاف ذلك إلى رسول الله A كفعل أبي بكر في سبي أهل الردة وكصلاة الجمعة صدر النهار وكضرب عمر الخراج وإضعافه القيمة على رقيق حاطب وغير ذلك كثير جدا فمن المسلمين من يأخذ بهذا ومنهم من لا يأخذ به ونحن لا نأخذ به أصلا لأنه لا حجة في فعل أحد دون من أمرنا الله تعالى باتباعه وأرسله إلينا ببيان دينه ولا يخلو فاضل من وهم ولا حجة فيمن يهم ولا يأتي الوحي ببيان وهمه وهذا الصنف من النقل هو صفة جميع نقل اليهود لشرائعهم التي هم عليها الآن مما ليس في التوراة وهو صفة جميع نقل النصارى حاشى تحريم الطلاق إلا أن اليهود لا يمكنهم أن يبلغوا في ذلك إلى صاحب نبي أصلا ولا إلى تابع له وأعلى من يقف عنده النصارى