ذكرنا ان شاروع اذ بلغ ثلاثين سنة ولد له ناحور وكان عمر شاروع كله مائتي عام وثلاثين عاما وعند النصارى كلهم ان شاروع اذ بلغ ثلاثين سنة ومائة سنة ولد له ناحور وان عمر شاروع كله كان ثلاثمائة سنة وثلاثين سنة ففي هذا الفصل بين الطائفتين تكاذب في موضعين احدهما عمر شاروع جملة والثاني سن شاروع اذ ولد له ناحور وفي التوراة عند اليهود كما ذكرنا ان ناحور لما بلغ تسع وعشرين سنة ولد له نارخ وان عمر ناحور كله كان مائة سنة وثمانيا واربعين سنة وعند النصارى كلهم ان ناحور لما بلغ تسعا وسبعين سنة ولد له تارخ وان عمر ناحور كله كان مائتي عام وثمانية اعوام ففي هذا الفصل تكاذب بين الطائفتين في موضعين احدهما عمر ناحور كله والثاني سن ناحور اذ ولد له تارخ وفي التوراة عند اليهود كما ذكرنا ان تارخ كان عمره كله مائتي عام وخمسة اعوام وعند النصارى كلهم ان تارخ كان عمره كله مائتي عام وثمانية اعوام .
قال ابو محمد فتولد من الاختلاف المذكور بين الطائفتين زيادة عن الف عام وثلاثمائة عام وخمسين عاما عند النصارى في تاريخ الدنيا على ما هو عند اليهود في تاريخها وهي تسعة عشر موضعا كما اوردنا فوضح اختلاف التوراة عندهم ومثل هذا من التكاذب لا يجوز ان يكون من عند الله D اصلا ولا من قول نبي البتة ولا من قول صادق عالم من عرض الناس فبطل بهذا بلا شك ان تكون التوراة وتلك الكتب منقولة نقلا يوجب صحة العلم لكن نقلا فاسدا مدخولا مضطربا ولا بد للنصارى ضرورة من احد خمسة اوجه لا مخرج لهم عن احدها اما ان يصدقوا نقل اليهود للتوراة وانها صحيحة عن موسى عن الله D ولكتبهم وهذه طريقتهم في الحجاج والمناظرة فان فعلوا فقد اقروا على انفسهم وعلى اسلافهم الذين نقلوا عنهم دينهم بالكذب اذ خالفوا قول الله تعالى وقول موسى عليه السلام او يكذبوا موسى عليه السلام فيما نقل عن الله D وهم لا يفعلون هذا او يكذبوا نقل اليهود للتوراة ولكتبهم فيبطل تعلقهم بما في تلك الكتب مما يقولون انه انذار بالمسيح عليه السلام اذلا يجوز لأحد ان يحتج بما لا يصح نقله او يقولوا كما قال بعضهم انهم انما عولوا فيما عندهم على ترجمة السبعين شيحا الذين ترجموا التوراة وكتب الانبياء عليهم السلام لبطليموس فان قالوا هذا فانهم لا يحلون ضرورة من احد وجهين اما ان يكونوا صادقين في ذلك او يكونوا كاذبين في ذلك فان كانوا كاذبين في ذلك فقد سقط امرهم والحمد لله رب العالمين اذ لم يرجعوا الا إلى المجاهرة بالكذب وان كانوا صادقين في ذلك فقد حصلت توراتان متخالفتان متكاذبتان متعارضتان توراة السبعين شيخا وتوراة عزرا ومن الباطل الممتنع كونهما جميعا حقا من عند الله واليهود والنصارى كلهم مصدق مؤمن بهاتين التوراتين معا سوى توراة السامرية ولا بد ضرورة من ان تكون احدهما حقا