قال أبو محمد Bه وقد أخبرني بعض أصدقائنا وهو محمد بن عبد الرحمن بن عقبة C تعالى أنه عارض بهذا البرهان بعض الملحدين وهو عبد الله بن عبد الله بن شنيف فعارضه الملحد في قوله بخلود الجنة والنار وأهلهما فقال له ابن عقبة إنما أخذنا خلود داري الجزاء وخلود أهلهما بلا نهاية على غير هذا الوجه لكن على أن الله تعالى ينشئ لكل ذلك بقاء محدودا وحركات حادثة ولذات مترادفة أبدا وقتا بعد وقت إلا أن الأول والآخر جاريان حادثان في كل موجود من ذلك وإذا ثبت الأول فغير ممتنع تمادى الزمان حينا بعد حين أبدا بلا نهاية وهذا مثل العدد فإنه لو لم يكن له أول لم يقدر أحد على عد أي شيء أبدا فالعدد له أول ضرورة يعرف ذلك بالحس والمشاهدة وهو قولنا واحد فإن هذا مبدأ العدد الذي لا عدد قبله ثم الأعداد يمكن فيها الزيادة أبد الأبد لا إلى غاية لكن كلما خرج منه جزء إلى حد الوجود وحد الفعل فله نهاية وهكذا أبدا سرمدا وبالله تعالى التوفيق فانقطع الشنيفي ولم يكن عنده إلا الشغب .
قال أبو محمد Bه وقد قال بعض أهل الإلحاد في هذه البراهين التي أوجبنا بها استحالة وجود موجودات لا أوائل لها أتقولون إن الله تعالى يوفي أهل الجنة ما وعدهم من النعيم الذي لا آخر له ولا نهاية أم لا يوفيهم ما وعدهم .
فإن قلتم إنه تعالى يوفيهم إياه دخل عليكم كل ما أدخلتموه علينا في هذه البراهين ولا فرق .
وإن قلتم إنه تعالى لا يوفيهم ذلك ألزمتموه خلف الوعد وهو كفر عندكم .
قال أبو محمد Bه هذه شغيبة قد طالما حذرنا من مثلها في كتبنا التي جمعناها في حدود المنطق وهي متفسخة من وجهين أحدهما أن تعلق المرء بما يقول خصمه ضعف وإنما يلزم المرء أن يخلص قوله مجردا ولا أسوة له في تناقض خصمه بل لعل خصمه لا يقول ذلك الثاني أن المسؤول بها إن كان جهميا سقط عنه هذا السؤال المذكور .
وأما نحن فعلينا بحول الله تعالى بيان فساد هذا الاعتراض وتمويهه فنقول وبالله التوفيق إن من شغب أهل السفسطة إدخال كلمة لا يؤبه لها يجعلونها مقدمة وهي كذب فيموهون بها على