ومن ولد لك بعدهما ينسبان إليك قلنا لا يخلو يوسف عليه السلام من أن لا يكون له ولد غيرهما مما أعقب خاصة كما نقول نحن وتشهد به نصوص توراتكم وجميع كتبكم أو يكون ليوسف ولد أعقب غير أفرايم ومنشا فلو كان ذلك فكتبكم كلها كاذبة أولها عن آخرها من التوراة فما وراءها لأنه في كل مكان ذكر فيه رتبة معسكر الأسباط سبطا سبطا وعددهم إذ خرجوا من مصر وعددهم إذ دخلوا الشام وعددهم إذ أهدوا الكباش والعجول وحقاق الذهب وعددهم إذ وقفوا على الجبلين للبركة واللعنة وعددهم إذ نقشت أسماؤهم في الفصوص المرتبة على صدر هارون في أزيد من ألف موضع في سائر كتبهم ولم يذكر ليوسف الأسبطين فقط سبط منشا وسبط أفرايم فبطل الإعتراض بذلك الكلام المذكور وبالله التوفيق وقد علم كل من يميز من الرجال والنساء أن الكثرة الخارجة من الأولاد لم توجد في العالم لصعوبة الأمر في تربية أطفال الناس ولكون الإسقاط في الحوامل ولإبطاء حمل المرأة بين بطن وبطن ولكثرة الموت في الأطفال فهذه أربع عوارض قواطع دون الكثرة الخارجية في الأولاد للناس ثم كون الإناث في الولادات أيضا ولو طلبنا أن نعد من عاش له عشرون ولدا فصاعدا من الذكور بلغوا الحلم فما وجدناهم إلا في الندرة ثم في القليل من الملوك وذوي اليسار المفرط الذين تنطلق ايديهم على الكثير من النساء والإماء ثم على الخدام اللواتي هن العون على التربية والكفاية وعلى كثرة المال الذي لا يكون المعاش إلا به وأما من لا يجد إلا الكفاف وفوقه مما لا يبلغ الإكثار من الوفر ولا يقدر إلا على المرأة والمرأتين ونحو ذلك فلا يوجد هذا فيهم البتة بوجه من الوجوه ولا يمكن ذلك أصلا لهم لما ذكرنا أنفا من القواطع الموانع وقد شاهدنا الناس وبلغتنا أخبار أهل البلاد البعيدة وكثر بحثنا عما غاب منا ووصلت الينا التواريخ الكثيرة المجموعة في أخبار من سلف من عرب وعجم في كثير من الأمم فما وجدنا في ذلك المعهود من عدد أولاد الذكور في المكثرين الذين يتحدث بهم عند كثرة الولد إلا من أربعة عشر ذكرا فأقل وأما ما زاد إلى العشرين فنادر جدا هذه الحال في جميع بلاد أهل الإسلام والذي بلغنا عن ممالك النصارى إلى أرض الروم وممالك الصقالبة والترك والهند والسودان قديما وحديثا وأما الثلاثون فأكثر فما بلغنا ذلك إلا عن نفر يسير عمن سلف منهم أنس بن مالك الأنصاري وخليفة بن أبي السعدي وأبو بكرة فإن هؤلاء لم يموتوا حتى مشى بين يدي كل واحد منهم مائة ذكر من ولده وعمر بن عبد الملك فإنه كان يركب معه ستون رجلا من ولده وجعفر بن سليمان بن علي بن عبد الله بن العباس فإنه عاش له أربعون ذكر من ولده سوى أبنائهم وعبد الرحمن بن الحكم ابن هشام بن عبد الرحمن بن معاوية فإنه ولد له خمسة وأربعون ذكرا عاش منهم نيف وثلاثون وموسى ابن إبراهيم بن موسى بن جعفر محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب فإنه بلغ له منهم مبلغ الرجال واحد وثلاثون ابنا ذكورا كلهم وكان أبوه أميرا على اليمن مرة قائما ومرة واليا للمأمون ووصيف مولى المعتصم التركي كان له خمسة وخمسون ذكرا بالغون من ولده الأدنين وتآمرت مولى بني مناد صاحب طرابلس