مصر صار دما فأي ماء بقي حتى تقلبه السحرة دما كما فعل موسى وهارون أبى الله إلا فضيحة الكذابين وخزيهم فإن قالوا قلبوا ماء الآبار حتى حفرها المصريون حول النهر قلنا لهم فكيف عاش الناس بلا ماء أصلا أليس هذه فضائح مرددة وهل يخفى أن هذا من توليد ضعيف العقل أو زنديق مستخف لا يبالي بما أتي به من الكذب ونعوذ بالله من الضلال .
فصل .
وبعد ذلك ذكر الله تعالى أمر موسى أن يقول لفرعون ستكون يدي على مكسبك الذي لك في الفحوص وخيلك وحميرك وجمالك وبقرك وأغنامك بوباء شديد ويظهر السيد هذا في الأرض ففعل السيد ذلك في يوم آخر وماتت جميع دواب المصريين ولم يمت لبني إسرائيل دابة فاشتد قلب فرعون ولم يأذن لهم ثم ذكر بعد ذلك أمر الله تعالى موسى بأن يأخذ ما حملت الكف من رماد الكانون ويلقيه إلى السماء بين يدي فرعون ليصير غبارا في جميع أرض مصر فيكون في الآدميين والأنعام خراجات ونفاطات فأخذ رمادا من كانون ووقف بين يدي فرعون ورماه موسى إلى السماء وصارت منه نفاطات في الآدميين والأنعام ولم تقدر السحرة على الوقوف عند موسى لما كان أصابهم من ألم النفاطات وكان مثل ذلك في جميع أرض مصر والسحرة فشدد الله قلب فرعون ولم يسمع لهما على حال ما عهد السيد إلى موسى وبعد ذلك قال إن الله أمر موسى أن يقول لفرعون غدا هذا الوقت أمطر بردا كثيرا جدا لم ينزل مثله على مصر من اليوم الذي أسست فيه إلى هذا الوقت فابعث واجمع أنعامك وكل من تملكه في الفدان فكل ما أدركه البرد في الفدان ولم يدخل البيوت فمن خاف وعيد السيد من عبيد فرعون ادخل عبيده وأنعامه في البيوت ومن استهان بوعيد السيد أبقى عبيده وأنعامه في الفدان وقال السيد لموسى مد يدك إلى السماء لينزل البرد في جميع أرض مصر فمد موسى يده بالعصا فأتى السيد بالرعد والبرد المختلف على الأرض ثم أمطر السيد البرد في جميع أرض مصر مخلوطا بنار ولم ينزل بعظمة في تلك الأرض من حين سكن ذلك الجنس فأهلك البرد في جميع أرض مصر كل ما ظهر به في الفدادين من الآدميين والأنعام وجميع عشبهما وكسر جميع شجرها ولم ينزل منه شيء في أرض قوس حيث كانوا بنو إسرائيل