وأما الأصل الثاني فعندنا المتكلم من قام بذاته الكلام كالعالم من قام به العلم وعندهم المتكلم من يفعل الكلام وليس من الشرط قيامه بالمتكلم كما لا يشترط قيام الفعل بالفاعل .
والمسألة في الحقيقة تبينا على اصل وهو أن عندنا لا فاعل في الحقيقة إلا الله سبحانه وإذا ثبت ذلك فالله تعالى فاعل كلامنا وليس متكلما به فبطل أن يكون المتكلم من يفعل الكلام .
والدليل على بطلان كلامهم أنه لو كان المتكلم من يفعل الكلام لكان المصوت من يفعل الصوت ويلزم أن يكون الباري D مصوتا من حيث أنه خلق الأصوات .
والدليل عليه أن من سمع كلامنا من آخر علم كونه متكلما من غير أن يخطر بباله كونه فاعلا لكلامه ولو كان الكلام بمعنى الفعل لكان لا يعلمه متكلما من لا يعلمه فاعلا .
والذي يدل على فساد قولهم أن الكلام عندهم حروف منتظمة وأصوات متقطعة فإذا قال الواحد منا زرت الكعبة مختارا فهو المتكلم به عندهم .
فلو قدرنا أن الله تعالى خلق هذه الحروف والأصوات على صورتها في بعض عبيده ضروريا بحيث لا يمكنه السكوت عنها فلا