إرادة .
فإن قيل بم أنكرتم على من يقول أن ما يجده في نفسه ضرب من الاعتقاد وليس بكلام .
قلنا هذا محال لأن الاعتقاد إما أن يكون علما أو ظنا أو شكا أو جهلا والذي يجد نفسه الطلب والاقتضاء يقطع بأنه ليس يعلم ولا ظن ولا شك ولا جهل فبطل أن يكون ذلك اعتقادا على أن جميع ما ذكروه يبطل عليهم بالنظر .
فإن قائلا لو قال النظر إرادة علم المتطور أو ضرب من الاعتقاد كان في مثل منزلتهم ونحن نعلم أن النظر ليس هو الإرادة ولا اعتقاد .
وفي الدليل على ما ذكرناه أن قول القائل افعل قد يتضمن الإيجاب كقوله تعالى وأقيموا الصلاة وقد يتضمن الاستحباب كقوله تعالى وافعلوا الخير وقد يتضمن الإباحة كقوله تعالى فإذا طعمتم فانتشروا وقد يراد به التهديد كقوله تعالى اعملوا ما شئتم وإذا كان لفظ الأمر يتردد على هذه الوجوه فقد يقول افعل ويريد به الوجوب وقد يريد به التهديد وقد يريد به الاستحباب وقد يريد به الإباحة وقد يريد به النهي وصورة الحروف والأصوات واحدة ولو كان الأمر نفس اللفظ لما اختلف فعلم أن الإيجاب صفة قائمة للنفس يتميز بوصفه الخاص عن الاستحباب والإباحة والنهي