والدليل عليه أنا قد بينا بالدليل كونه حيا والحي يجوز أن يتصف بالسمع والبصر فإذا لم يتصف به وجب اتصافه بضده لأن من اتصف بقبول الضدين على البدل ولم يكن بينهما واسطة يستحيل خلوه عنهما وضد السمع والبصر آفة ونقص والآفات لا تجوز عليه سبحانه .
فإن قيل ولم قتلتم آنه يجوز اتصافه بالسمع والبصر وبم أنكرتم على استحالة اتصافه بالسمع والبصر وأضدادهما كما يستحيل عليه الاتصاف بالبياض وبما يضاده من الألوان ويستحيل وصفه بالحركة والسكون .
قلنا الدليل عليه إنا قد علمنا أن الحي في الشاهد يجوز أن يتصف بالسمع والبصر وإن الجماد والميت لا يجوز أن يتصف بهما وإذا سبرنا المعاني لم يكن المصحح للسمع والبصر في الشاهد إلا الحياة وقد ثبتت الحياة في الغائب فوجب القول باتصافه بالسمع والبصر .
فإن قيل إذا أثبتم السمع والبصر وهما إدراكان ثم رأينا في الشاهد إدراكا يتعلق بالطعوم وهو الذوق وآخر يتعلق بالروائح وهو الشم وآخر يتعلق باللين والخشونة والحرارة والبرودة وهو اللمس فهل تثبت للباري هذه الإدراكات .
قلنا نعم تثبت لله تعالى هذه الإدراكات لأن لكل واحد من هذه الإدراكات ضد وضده آفة فإذا لم يتصف به وجب وصفه بضده إلا أنه لا يسمى شاما ولا ذائقا ولا ماسا لأسباب منها أنه يعتبر في أساميه وفي أسامي صفاته ورود الأذن والشرع ما ورد به